باب النعت
النعت والوصف (١) بمعّنى ، فأمّا (الصفة) فهي عند النحويّين بمنزلة الوصف ، وأصلها : (وصفة) فحذفت واوها كما حذفت في : (عدة وزنة) ، وأمّا المتكلمون فيقرقون بين الوصف والصفة ، فالوصف لفظ الواصف كقولك : ظريف وعالم. والصفة هي المعنى العامّ الموصوف.
فصل : والغرض من الوصف الفرق بين مشتركين في الاسم أو المدح أو الذم أو التعظيم ، فقطع الاشتراك كقولك : مررت بزيد الظريف ، أي : أنّ ثمّ جماعة كل منهم اسمه زيد والمختص بالظرف منهم واحد ؛ ولذلك لم يوصف المضمر إذ لا اشتراك فيه لعوده إلى الظاهر والمدح والتعظيم يقعان في صفات الله عزوجل والذم كقولك : مررت بزيد الخبيث الفاسق ، فإنّك لا تقصد تمييزه عن غيره ، بل تقصد إعلام السامع بما فيه من الأوصاف المذمومة.
فصل : وإنّما لزم أن تكون الصفة بالمشتق أو الجاري مجراه ؛ لأن الفرق إنّما يحصل بأمر عارض يوجد في أحد الشيئين أو الأشياء دون باقيها وهذا إنّما يكون في المشتقات مثل الحلية نحو : الأسود والأزرق ، والغريزة مثل : العقل والحسن ، والفعل نحو : القيام والإكرام ، أو الصناعة نحو : البزّاز والعطّار ، والنسب نحو : بصريّ وهاشميّ.
وأمّا الجاري مجرى المشتقّ فمثل : مررت برجل ابي عشرة وبحيّة ذراع طولها / كأنّك قلت : مررت برجل كثير الأولاد وبحيّة مذروعة.
فصل : ولا بد في الصفة من ضمير يعود على الموصوف ؛ لأن ذلك من ضرورة كونه مشتقا أن يعمل في فاعل مضمر أو مظهر ، فالمضمر هو الموصوف في المعنى والمظهر لا بد أن
__________________
(١) النّعت (ويسمّى الصّفة أيضا) هو ما يذكر بعد اسم ليبيّن بعض أحواله أو أحوال ما يتعلّق به. فالأوّل نحو «جاء التلميذ المجتهد» ، والثاني نحو «جاء الرجل المجتهد غلامه».
(فالصفة في المثال الأول بينت حال الموصوف نفسه. وفي المثال الثاني لم تبين حال الموصوف ، وهو الرجل ، وإنما بينت ما يتعلق به ، وهو الغلام). وفائدة النّعت التّفرقة بين المشتركين في الاسم.
ثمّ إن كان الموصوف معرفة ففائدة النّعت التّوضيح. وإن كان نكرة ففائدته التّخصيص.
(فان قلت «جاء عليّ المجتهد» فقد أوضحت من هو الجائي من بين المشتركين في هذا الاسم. وإن قلت «صاحب رجلا عاقلا» ، فقد خصصت هذا الرجل من بين المشاركين له في صفة الرجولية).