باب (كم)
وهي اسم لوجود حدّ الاسم وعلاماته فيها ، وإنّما بنيت في الاستفهام (١) لتضمنّها معنى همزة الاستفهام وبنيت في الخبر لمشابهتها (ربّ) من أوجه :
أحدها : أنّها تختصّ بالنكرة كما تختص (ربّ) بها.
والثاني : أنّها لغاية التكثير كما أن (ربّ) لغاية التقليل والجامع بينهما الغاية في طرفي العدد.
والثالث : أنّ (كم) لها صدر الكلام كما أنّ (رب) كذلك ، والمراد بذلك أنّه لا يعمل فيها ما قبلها.
فإن قلت : قد يدخل على ما هذا سبيله حرف الجرّ فيعمل فيه؟
قيل : حرف الجرّ الداخل عليها مما يتعلّق بما بعدها ، كقولك : بكم رجل مررت فيؤخّر العامل الأصلي ، وإنّما قدّمت الباء ؛ لأنها وصلة بين العامل والمعمول ، فلو أخرتهما جميعا لم تتحقّق الوصلة.
__________________
(١) كم على قسمين استفهاميّة وخبريّة.
فكم الاستفهامية ما يستفهم بها عن عدد مبهم يراد تعيينه ، نحو «كم رجلا سافر؟». ولا تقع إلّا في صدر الكلام ، كجميع أدوات الاستفهام.
ومميّزها مفرد منصوب ، كما رأيت. وإن سبقها حرف جرّ جاز جره ـ على ضعف ـ بمن مقدّرة ، نحو «بكم درهم اشتريت هذا الكتاب؟» أي بكم من درهم اشتريته؟ ونصبه أولى على كلّ حال. وجرّه ضعيف. وأضعف منه إظهار «من».
ويجوز الفصل بينها وبين مميّزها. ويكثر وقوع الفصل بالظّرف والجارّ والمجرور ، ونحو «كم عندك كتابا؟ كم في الدار رجلا؟». ويقلّ الفصل بينهما بخبرها ، نحو «كم جاءني رجلا؟» ، أو بالعامل فيها نحو «كمن اشتريت كتابا؟».
ويجوز حذف تمييزها ، مثل «كم مالك؟» أي كم درهما ، أو دينارا ، هو؟.
وحكمها ، في الإعراب ، أن تكون في محلّ جرّ ، إن سبقها حرف جرّ ، أو مضاف ، نحو «في كم ساعة بلغت دمشق؟» ، ونحو «رأي كم رجلا أّخذت؟» ، وأن تكون في محل نصب إن كانت استفهاما عن المصدر ، لأنها تكون مفعولا مطلقا ، نحو «كم إحسانا أحسنت؟» ، أو عن الظّرف ، لأنها تكون مفعولا فيه ، نحو كم يوما غبت؟ وكم ميلا سرت؟» ، أو عن المفعول به ، نحو «كم جائزة نلت؟» أو عن خبر الفعل الناقص ، نحو «كم إخوتك؟».
فإن لم تكن استفهاما عن واحد مما ذكر ، كانت في محل رفع على أنها مبتدأ أو خبر. فالأول نحو «كم كتابا عندك؟» ، والثاني نحو «كم كتبك؟». ولك في هذا أيضا أن تجعل «كم» مبتدأ وما بعدها خبرا. والأول أولى.