باب ما يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين
أقصى ما يتعدّى إليه الفعل من الفاعل ثلاثة (١) ، وذلك أنّ الأصل نسبة الفعل إلى المفاعيل ، ثمّ إنّ فعل الفاعل قد يفتقر إلى محلّ مخصوص يباشره مقصورا عليه مثل ضرب زيد عمرا ، وقد يحدث الفاعل الفعل لغيره بحيث يصير المحدث له الفعل فاعلا به كقولك : أضربت زيدا عمرا ، أي : مكّنته من إيقاع الضرب به فأنت فاعل التمكين من الضرب و (زيد) مفعول هذا التمكين و (الضرب) الممكّن منه حاصل من زيد في عمرو ف (زيد) فاعله و (عمرو) مفعوله.
وقد يكون فعل الفاعل متعلّقا بشيئين لا يتحقق بدونهما ، كقولك : أعطيت زيدا درهما ، فالإعطاء من الفاعل لا يتمّ إلا بالآخذ والمأخوذ ، إلا أنّ أحد الشيئين مفعول الإعطاء وفاعل الأخذ والآخر مفعول لا غير.
وقد يكون الفعل متعلّقا بمفعول واحد ولكن يذكر معه غيره لتوقّف فهمه عليه كقولك : ظننت زيدا قائما ، فالمفعول على التحقيق هو المطنون وهو القيام ، ولكن لا يفيد ذكره ما لم يذكر من نسب إليه.
وقد توجب هذا الفعل لغيرك فتصير فاعلا في المعنى لما تحدثه له ، والمستعمل من ذلك بلا خلاف فعلان : (أعلمت) و (أريت) المتعدّيان إلى مفعولين بغير همزة التعدّي كقولك : أعلمت زيدا عمرا عاقلا ، وهو قبل النقل : علمت زيدا عاقلا ، ثم عدّيته بالهمزة فأوجبت لزيد العلم بعقل عمرو ، وليس بعد هذه العدّة غاية يقصد بها التعدّي إليها إذا لا يتصوّر أن يوجد الإسناد لأكثر من واحد حتّى يصير بذلك فاعلا.
__________________
(١) المتعدّي إلى ثلاثة مفاعيل ، هو «أرى وأعلم وأنبأ ونبّأ وأخبر وخرّ وحدث». ومضارعها «يري ويعلم وينبيء وينبّىء ويخبر ويخبّر ويحدّث» ، تقول «أريت سعيدا الأمر واضحا ، وأعلمته إياه صحيحا ، وأنبأت خليلا الخبر واقعا ، ونبّأته إيّاه ، أو أخبرته إياه ، أو أخبرته إياه أو حدّثته إياه حقا».
والغالب في «أنبأ» وما بعدها أن تبنى للمجهول ، فيكون نائب الفاعل مفعولها الأول ، مثل «أنبئت سليما مجتهدا» ، قال الشاعر
نبّئت زرعة ، والسفاهة كاسمها |
|
يهدي إليّ غرائب الأشعار |
وقال الآخر
نبّئت أنّ أبا قابوس أو عدني |
|
ولا قرار على زأر من الأسد |