فصل : فأمّا : (نبّأت) و (أنبأت) ففعلان متعدّيان إلى شيء واحد وإلى ثان بحرف الجرّ كقولك : نبّأت زيدا عن حال عمرو أو بحال عمرو ، وقد يحذف حرف الجرّ كقوله تعالى : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) [التحريم : ٣] أي : عن هذا ، وقد ذهب قوم إلى أنّه يتعدّى بنفسه واستدلّ بهذه الآية ، وليس فيه دليل ؛ لأنه قد استعمل في مواضع أخر بحرف الجرّ أكثر من استعماله بغير حرف الجرّ ، فالحكم بزيادة الحروف في تلك المواضع لا يجوز فأمّا حرف الجرّ فأسوغ من الحكم بزيادته ؛ ولهذا كان أكثر كقولك : [البسيط]
أمرتك الخير (١) ...
فأما قوله تعالى : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) [التوبة : ٩٤] ف (من) عند سيبويه غير زائدة على ما أصلّنا ، وقال الأخفش : هي زائدة والمفعول الثالث محذوف تقديره : قد نبّأنا الله أخباركم مشروحة ، وهذا ضعيف لثلاثة أوجه :
أحدها : الحكم بزيادة الحرف من غير ضرورة إلى ذلك.
والثاني : زيادة (من) في الواجب وهو بعيد.
والثالث : حذف المفعول الثالث ، وهو كحذف المفعول الثاني في باب (ظننت) وهو غير جائز.
__________________
(١) البيت كاملا من البردة :
أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به |
|
وما استقمت فما قولي لك استقم |
وهو من شعر شرف الدين البوصيري : (٦٠٨ ـ ٦٩٦ ه / ١٢١٢ ـ ١٢٩٦ م) وهو محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله. شاعر حسن الديباجة ، مليح المعاني ، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر ، أمّه منها. وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون.
ومولده في بهشيم من أعمال البهنساوية ووفاته بالإسكندرية له (ديوان شعر ـ ط) ، وأشهر شعره البردة مطلعها :
أمن تذكّر جيران بذي سلم |
|
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم |
شرحها وعارضها الكثيرون ، والهمزية ومطلعها :
كيف ترقى رقيك الأنبياء
وعارض (بانت سعاد) بقصيدة مطلعها :
إلى متى أنت باللذات مشغول