فصل : والفرق بين : (نبّات وأنبأت) وبين : (أعلمت) أنّ (أعلمت) استعملت بغير همزة التعدّي ثمّ عدّيت و (نّبأت وأنبأت) وضعتا على التعدّي ولم يستعمل منهما : (نبأ الرجل) و (خبرت وأخبرت وحدّثت) مثل : (نبّأت) ، وإنّما ساغ التعدّي إلى ثلاثة لشبهها ب (أعلمت) لأنّك إذا أخبرت إنسانا بأمر فقد أعلمته به.
فصل : واختلفوا في جواز تعدية : (ظننت) وأخواتها غير : (علمت ورأيت) فمذهب سيبويه ، والجمهور : أنّه لا يجوز إلا في : (علمت ورأيت) ؛ لأن تعدّي الفعل بالهمزة من باب وضع اللغة ألا ترى أنّ قولك : كّلمت زيدا لا تجوز تعديته بالهمزة ، فلا تقول : أكلمت زيدا عمرا ، بمعنى مكّنته من تكليمه ولم يرد السماع إلا ب (أعلمت وأريت) وأجاز الأخفش ذلك في جميع باب (ظننت) قياسا على : (أعلمت ورأيت) وهو بعيد لم قدّمنا.
فصل : لا خلاف في جواز الاقتصار على فاعل هذه الأفعال ، واختلفوا في جواز الاقتصار على المفعول الأول فذهب الأكثرون إلى جوازه كقولك : أعلمت زيدا ومنع منه قوم ، والدليل على جوازه أمران :
أحدهما : أنّه فاعل في المعنى والفاعل يجوز الاقتصار عليه في باب (ظننت) فكذلك ههنا.
والثاني : أنّ (زيدا) هنا مفعول الإعلام ، وليس بمبتدأ في الأصل بخلاف المفعول الأوّل في : (ظننت) فإنّه مبتدأ في الأصل غير مفعول به.
فصل : والمفعول الثالث في هذا الباب هو المفعول الثاني في باب (ظننت) فلا يجوز على هذا أن تقول : أعلمت زيدا عمرا بشرا فكلّ منهم غير الآخر إلا على تأويل ، وهو أن يكون المعنى أعلمت زيدا عمرا مثل بشر أو خيّلت له أنّ أحدهما هو الآخر أو يكون عمرو وبشر اسمين لرجل واحد.
فصل : ولا يجوز إلغاء هذه الأفعال بتعليقها عن العمل ولا بتوسّطها وتأخّرها ؛ لأن المفعول الأوّل فيها فاعل في المعنى ، وليس بمبتدأ في الأصل فعلى هذا لا تقول : أعملت لزيد عمرو ذاهب ، لأنّك إن جعلت : (ذاهبا) ل (عمرو) لم يعد على زيد ضمير ، وكذلك إن جعلته لزيد ثمّ إنّ المفعولين الآخرين غير المفعول الأول فلا يصحّ أنّ يجعل كباب (ظننت) ؛ لأن الثاني هو الأوّل.