باب البدل
الغرض من البدل هو الغرض من الصفة ، وقد ذكر ، والفرق بين البدل والصفة : أنّ الصفة بالمشتقّ والبدل بغير المشتقّ ، وأنّ الصفة كالموصوف في التعريف والتنكير وغيرهما ، والبدل يجوز أن يخالف المبدل منه في التعريف والتنكير والإظهار والإضمار ، وأنّ البدل يكون ببعض من كلّ ، وبمعنى يشتمل عليه الأوّل والصفة بخلافه ، والفرق بين البدل وعطف البيان قد تقدّم (١).
فصل : وبدل الشيء في اللغة ما قام مقامه وهو على هذا المعنى في اصطلاح النحويّين ، ألا ترى أنّك لو حذفت الأوّل واقتصرت على الثاني لأغناك عنه ؛ ولذلك قال بعضهم : عبرة البدل ما صلح لحذف الأوّل وإقامة الثاني مقامه. وقال بعض النحويّين : لا يصحّ هذا الحدّ والدليل عليه قول الشاعر : [الكامل]
فكأنّه لهق السراة كأنّه |
|
ما حاجبيه معيّن بسواد |
لو حذفت الهاء هنا فقلت : كأنّ حاجبيه معيّن لم يستقم ؛ لأن المبتدأ مثنّى والخبر مفرد واستدلّوا أيضا بقولك : زيد ضربت أباه عمرا ، ف (عمرو) بدل من (أباه) ، فلو حذفته فقلت : زيد ضربت عمرا لم يجز لخلوّ الجملة من ضمير يعود على المبتدأ ، وهذا الاستدلال ضعيف جدّا ، أمّا البيت فوجه جوازه أنّه أفرد الخبر عن المثتّى وهو يريد التثنية كما قال الآخر : [الهزج]
لمن زحلوقة زلّ |
|
به العينان تنهلّ |
__________________
(١) البدل هو التّابع المقصود بالحكم بلا واسطة بينه وبين متبوعه نحو «واضع النحو الإمام عليّ».
(فعليّ تابع للامام في إعرابه. وهو المقصود بحكم نسبة وضع النحو اليه. والإمام انما ذكر توطئة وتمهيدا له ، ليستفاد بمجموعهما فضل توكيد وبيان ، لا يكون في ذرك أحدهما دون الآخر. فالإمام غير مقصود بالذات ، لأنك لو حذفته لاستقلّ «عليّ» بالذكر منفردا ، فلو قلت «واضع النحو عليّ» ، كان كلاما مستقلا. ولا واسطة بين التابع والمتبوع.
أما ان كان التابع مقصود بالحكم ، بواسطة حرف من أحرف العطف ، فلا يكون بدلا بل هو معطوف ، نحو «جاء علي وخالد» وقد خرج عن هذا التعريف النعت والتوكيد أيضا ، لأنهما غير مقصودين بالذات وانما المقصود هو المنعوت والمؤكد).