باب عسى
وهي فعل بدليل اتّصال الضمائر بها وتاء التأنيث الساكنة نحو : عسيت وعسوا وعسين وعست ، ومعناها : الإشفاق والطمع في قرب الشيء كقولك : عسى زيد أن يقوم ، أي : أطمع في قرب قيامه وهي فعل ماض لأنّك تخبر بها عن طمع واقع في أمر مستقبل ، ولا يكون منها مستقبل ولا اسم فاعل بل هي فعل جامد ، وإنّما كانت كذلك لوجهين (١) :
__________________
(١) تختصّ «عسى واخلولق وأوشك» بجواز إسنادهنّ إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، فتكون تامّة ، نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (الآية «٢١٦» من سورة البقرة) وينبني على هذا فرعان :
(أحدهما) أنّه إذا تقدّم على إحداهنّ اسم وهو الفاعل في المعنى ، وتأخر عنها «أن والفعل» نحو «عمرو عسى أن ينتصر» جاز تقدير عسى خالية من ضمير ذلك الاسم المتقدم عليها ، فتكون رافعة للمصدر المقدّر من أن والفعل مستغنى به عن الخبر وهي حينئذ تامّة ، وهي لغة الحجاز. وجاز تقديرها رافعة للضمير العائد إلى الاسم المتقدّم ، فيكون الضّمير اسمها ، وتكون «أن والفعل» في موضع نصب على الخبر ، فتكون ناقصة ، وهي لغة بني تميم.
ويظهر أثر التّقديرين في حال التّأنيث والتثنية والجمع ، المذكر والمؤنث ، فتقول على تقدير الإضمار في عسى ـ وهو أنها ناقصة عاملة ـ «هند عست أن تفلح». «العمران عسيا أن ينجحا».
و «الزّيدون عسوا أن يفلحوا» و «الفاطمات عسين أن يفلحن» وتقول على تقدير الخلو من الضمير ـ وهو استغناؤها بالفاعل عن الخبر في الأمثة ـ جميعها من غير أن تتصل بعسى أداة تأنيث أو تثنية أو جمع وهو الأفصح ، تقول : «هند عسى أن تفلح» و «الخالدان عسى أن يأتيا» وهكذا في الباقي وبه جاء التنزيل قال تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ) (الآية «١١» من سورة الحجرات).
(الفرع الثاني) أنه إذا ولي أحد هذه الأفعال الثّلاثة «أن والفعل» وتأخّر «عنها اسم هو الفاعل في المعنى ، نحو «عسى أن يجاهد عليّ» جاز الوجهان السّابقانن : أن يكون الاسم وهو «عليّ» في ذلك الفعل المقرون بأن خاليا من الضّمير العائد إلى الاسم المتأخر ، فيكون الفعل مسندا إلى ذلك الاسم المتأخّر ، وهو يجاهد وتكون عسى مسندة إلى أن والفعل مستغنى بهما عن الخبر فتكون تامّة.
والثاني : أنّه يجوز أن يقدّر ذلك الفعل متحمّلا لضمير ذلك الاسم المتأخّر (وعندئذ يعود الضمير على متأخر لفظا لا رتبة وهذا جائز) ، فيكون الاسم المتأخّر مرفوعا بعسى وتكون أن والفعل في موضع نصب على الخبريّة لعسى مقدما على الاسم ، فتكون ناقصة.
ويظهر أثر الاحتمالين أيضا في التأنيث والتّثنية والجمع المذكّر والمؤنّث ، فنقول على الثاني ـ وهو أن يكون الاسم المتأخّر اسما ل «عسى» ـ «عسى أن يقوما أخواك» و «عسى أن يقوموا إخوتك» و «عسى أن تقمن نسوتك» و «عسى أن تطلع الشّمس» لا غير.