يا حبّذا القمراء (١) ...
وكقولهم : (ما أحيبذه) فصغروه تصغير المفرد ، وبأنّه لم يثنّ ولم يجمع ولم يؤنّث وبأنّه لا يحذف ويضمر فى الفعل كما فعل فى (نعم) ، وهذه الأوجه لا يعتمد عليها ؛ لأن المنادى محذوف تقديره : (يا قوم) كما قالوا : (ألا يا اسلمي ...) فأدخلوها على الفعل ، وأمّا المنع من تنثيته وجمعه فلما يذكر من بعد ، وأمّا قولهم : ما أحبيذه! فمن الشذوذ الذي لا يستدلّ به على أصل.
الثالث : أنّ جعل التركيب كالفعل وارتفع زيد به.
فصل : وإنّما لم يثنّ ولم يجمع كما فعل فى فاعل (نعم) لتركيبه عند من يرى التركيب ومن لم يره ففيه وجهان :
أحدهما : أنّ (ذا) لمّا كان عبارة عن المذكور أو المقرّب من القلب كان جنسا ولفظ الجنس مفرد لم يغيّره عن ذلك.
والثاني : أنّ المفرد هو الأصل ويبقى هنا على لفظه ؛ لأنه صار كالمثل والأمثال لا تغيّر عن أوّليتها ، ولم يضمر فاعل (حبّ) لئلّا يبطل معنى الإشارة.
فصل : والنكرة تنصب بعده على التمييز وجاز الجمع بينهما ؛ لأنها ليست من لفظ الفاعل بخلاف باب (نعم) والاسم المخصوص بالتقريب مرفوع وفيه أربعة أوجه :
الأوّل : هو خبر ابتداء بمحذوف.
والثاني : هو مبتدأ و (حبذا) خبره ولمّا كانت (ذا) تشبه الضمير كانت كالعائد على المبتدأ ، ولا يجوز على هذا الوجه زيد حبّذا كما جاز في (نعم) لجريان (حبّذا) مجرى المثل وحروف المعاني.
والثالث : أنّه تبيين للفاعل.
والرابع : أنّه بدل لازم ومن جعل (حبّذا) مركّبا كان (زيد) خبره أو فاعله.
__________________
وقال أيضا : وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي.
(١) البيت كاملا في القمراء :
يا حبّذا القمراء والليل الساج |
|
وطرق مثل ملاء النساج |