باب بيان النحو وأصل وضعه
اعلم أن النحو (١) في الأصل مصدر : (نحا ينحو) إذا قصد ، ويقال : نحا له ، وأنحى له ، وإنما سمي العلم بكيفية كلام العرب في إعرابه وبنائه : (نحوا) ؛ لأن الغرض به أن يتحرى الإنسان في كلامه إعرابا وبناء طريقة العرب في ذلك.
فصل : وحده عندهم أنه علم مستنبط بالقياس والاستقراء من كلام العرب ، والقياس ألا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر ، ولكنه ثني وجمع لما تقل ، وسمي به ، ويجمع على : (أنحاء ونحو).
باب القول في الكلام
الكلام (٢) : عبارة عن الجملة المفيدة فائدة يسوغ السكوت عليها عند المحققين لثلاثة أوجه :
__________________
(١) النحو في الاصطلاح هو العلم لمستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها. قاله صاحب المقرب فعلم أن المراد هنا بالنحو ما يرادف قولنا علم العربية لا قسيم الصرف ، وهو مصدر أريد به اسم المفعول أي المنحو كالخلق بمعنى المخلوق ، وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم وإن كان كل علم منحوا أي مقصودا كما خصت الفقه بعلم الأحكام الشرعية الفرعية وإن كان كل علم فقها أي مفقوها أي مفهوما. وجاء في اللغة لمعان خمسة : القصد يقال نحوت نحوك أي قصدت قصدك والمثل نحو مررت برجل نحوك أي مثلك ، والجهة نحو توجهت نحو البيت أي جهة البيت ، والمقدار نحو له عندي نحو ألف أي مقدار ألف ، والقسم نحو هذا على أربعة أنحاء أي أقسام. وسبب تسمية هذا العلم بذلك ما روي أن عليا رضي الله تعالى عنه لما أشار على أبي الأسود الديلي أن يضعه وعلمه الاسم والفعل والحرف وشيئا من الإعراب قال : انح هذا النحو يا أبا الأسود.
(٢) الكلام المصطلح عليه عند النحاه عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها فاللفظ جنس يشمل الكلام والكلمة والكلم ويشمل المهمل كديز والمستعمل كعمرو ومفيد أخرج المهمل وفائدة يحسن السكوت عليها أخرج الكلمة وبعض الكلم وهو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ولم يحسن السكوت عليه نحو إن قام زيد.
ولا يتركب الكلام إلا من اسمين نحو زيد قائم أو من فعل واسم كقام زيد وكقول المصنف استقم فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر والتقدير استقم أنت فاستغنى بالمثال عن أن يقول فائدة يحسن السكوت عليها فكأنه قال الكلام هو اللفظ المفيد فائدة كفائدة استقم ، وإنما قال المصنف كلامنا ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين لا في اصطلاح اللغويين وهو في اللغة اسم لكل ما يتكلم به مفيدا كان أو غير مفيد. ـ