أحدها : أنه مشتق من (الكلم) وهو الجرح ، والجرح مؤثر في نفس المجروح فيلزم أن يكون الكلام مؤثرا في نفس السامع.
والثاني : أن الكلام يؤكد به (تكلمت) كقولك : تكلمت كلاما ، والمصدر المؤكد نائب عن الفعل والفاعل ، وكما أن الفعل والفاعل جملة مفيدة كذلك ما ينوب عنه الكلام.
الثالث : أن الكلام ينوب عن التكليم والتكلم ، وكلاهما مشدد العين ، والتشديد للتكثير ، وأدنى درجاته أن يدل على جملة تامة.
فصل : وإنما قال المحققون : إن الكلام اسم للمصدر وليس بمصدر حقيقة ؛ لأن المصادر تبنى على الأفعال المأخوذة منها ، والأفعال المأخوذة من هذا الأصل (كلمت) ومصدره (التكليم) ، و (تكلمت) ومصدره (التكلم) ، و (كالمت) ومصدره (المكالمة) و (الكلام) ، والكلام ليس بواحد منها إلا أنه يعمل عمل المصدر ، كما عمل (العطاء) عمل (الإعطاء).
فصل : وأما القول فيقع على المفيد ؛ لأن معناه التحرك والتقلقل ، فكل ما يمذل به اللسان ويتحرك يسمى : (قولا) ، وهذا ما يتركب من : (ق ول) في جميع تصاريفها وتقلب حروفها نحو : القول والقلو والتوقل ، وغير ذلك.
__________________
والكلم اسم جنس واحده كلمة وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم وإن اقترنت بزمان فهي الفعل وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف ، والكلم ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر كقولك إن قام زيد ، والكلمة هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فقولنا الموضوع لمعنى أخرج المهمل كديز وقولنا مفرد أخرج الكلام فإنه موضوع لمعنى غير مفرد والقول يعم الجميع والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول وزعم بعضهم أن الأصل استعماله في المفرد. والكلمة قد يقصد بها الكلام كقولهم في لا إله إلا الله كلمة الإخلاص ، وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق وقد ينفرد أحدهما ، فمثال اجتماعهما قد قام زيد فإنه كلام لإفادته معنى يحسن السكوت عليه وكلم لأنه مركب من ثلاث كلمات ، ومثال انفراد الكلم إن قام زيد ، ومثال انفراد الكلام زيد قائم.