باب الإعراب والبناء
قد ذكرنا في أوّل الكتاب معنى الإعراب وحدّه ، ونحن نذكر في هذا الباب معنى البناء وحدّه ، وعلله ، والحركات التي تبنى الكلمة عليها ، وامتناع الجمع بين الساكنين ولم كان الأصل في التحريك الكسر.
أما معنى البناء (١) فهو الثبوت واللزوم كبناء الحائط وحدّه في النحو لزوم آخر الكلمة سكونا أو حركة ، وإن شئت قلت : هو أن لا يختلف آخر الكلمة لاختلاف العامل فيها.
فصل : والحروف كلّها مبنيّة وكذلك الأصل في الأفعال ولا يفتقر ذلك إلى علّة ؛ لأن الكلمة موضوعة عليه وإنّما يعلّل الإعراب ؛ لأنه زائد على الكلمة ولمّا كان الأصل في الأسماء أن تعرب لما بيّنا في أول الكتاب احتيج إلى تعليل ما بني منها ولمّا كان الأصل في كلّ مبنيّ! السكون احتيج إلى تعليل ما حرّك منه وإلى تعليل تعيين حركة دون غيرها وسأبيّن ذلك إن شاء الله تعالى.
فصل : وإنّما كان الأصل في البناء السكون لأمرين :
أحدهما : أنّه ضدّ الإعراب والإعراب يكون بالحركة فضدّه بضدّها.
والثاني : أنّ الحركة زائدة والأصل أن لا يزاد شيء إلا للحاجة إليه.
فصل : وإنّما يحرّك المبنيّ لأمرين :
أحدهما : التقاء الساكنين والآخر شبهه بالمعرب وإنّ وإنما احتيج إلى تحريك.
__________________
(١) والمبنيّ ما يلزم آخره حالة واحدة ، فلا يتغير ، وإن تغيرت العوامل التى تتقدّمه «كهذه وأين ومن وكتب واكتب».
والمبنيّات هي جميع الحروف ، والماضي والأمر دائما ، والمتّصلة به إحدى نوني التوكيد أو نون النسوة ، وبعض الأسماء. والأصل فى الحروف والأفعال البناء. والأصل فى الأسماء الإعراب. أنواع البناء
المبنيّ إما أن يلازم آخره السكون ، مثل «اكتب ولم» أو الضمة مثل «حيث وكتبوا» أو الفتحة ، مثل «كتب وأين» أو الكسرة ، مثل «هؤلاء» والباء من «بسم الله». وحينئذ يقال إنّه مبني على السكون ، أو على الضمّ ، أو الفتح ، أو الكسر. فأنواع البناء أربعة السكون والضمّ والفتح والكسر.
وتتوقف معرفة ما تبنى عليه الأصماء والحروف على السّماع والنقل الصحيحين ، فإنّ منها يبنى على الضمّ ، ومنها ما يبنى على الفتح ؛ ومنها ما يبنى على الكسر ، ومنها ما يبنى على السكون. ولكن ليس لمعرفة ذلك ضابط.