فصل : وقد قال بعضهم : إنّ (من) الجارّة تستعمل في القسم مع : (ربي) ومع : (الله) وقال آخرون : هي محذوفة من (أيمن) وسيأتي القول فيها.
فصل : وقد عوّض من حرف القسم ثلاثة أشياء : همزة الاستفهام كقولك : الله. والهاء كقولك : إيها الله ولاها الله ف (إي) بمعنى : (نعم) وقطع الهمزة كقولك : أفألله وهذا كلّه يختص باسم الله والجرّ باق.
وقد اختص اسم الله بأشياء منها هذا ومنها : (تاء) القسم ومنها زيادة الميم في النداء ومنها قطع همزته فيه أيضا ومنها تفخيم لامه.
فصل : فإنّ حذفت حروف القسم وعوّضته نصبت بالفعل المقدّر وهو كقولهم : (أمرتك الخير) والجرّ جائز في اسم الله تعالى خاصّة لكثرة استعماله في القسم. وقال الكوفيّون : يجوز ذلك في كلّ مقسم به ، واحتجّوا لذلك بأشياء كلّها شاذّ قليل في الاستعمال لا يقاس عليه ؛ لأن حرف الجرّ كجزء من المجرور وكجزء من الفعل من وجه آخر فحذفه كحذف جزء منهما إذا بقي عمله فأمّا إذا لم يبق فالعمل للفعل ؛ ولهذا لم يكن الضمير المجرور إلا متصلا ولأنّ عمل حرف الجرّ قليل ضعيف على حسب ضعفه وإبقاء العمل مع حذف العامل أثر قوّته وتصرّفه.
فصل : وقد حذف القسم وأقيمت الجملة من المبتدأ والخبر والفعل والفاعل مقامه فالأولى كقولك : لعمرك لأقومنّ ف (عمرك) مبتدأ والخبر محذوف ، أي : لعمرك قسمي ، وحذف لطول الكلام وأنّه معلوم ، وعين (عمرك) مفتوحة في القسم لا غير ، ويجوز ضمّها في غيره واختاروا الفتحة لكثرته ولطول الكلام فإن حذفت اللام نصبت (عمرك) على فعل محذوف ونصبت اسم الله ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنّ التقدير : أسألك بتعميرك الله ، أي : باعتقادك بقاء الله ، ف (تعميرك) مفعول ثان و (الله) منصوب بالمصدر.
والثاني : أن يكونا مفعولين أي : أسأل الله تعميرك.
وأمّا الجملة الفعلية فكقولك : يمين الله ، فإن نصبت كان التقدير : ألزمك والتزم يمين الله ، وإن رفعت كان التقدير : يمين الله لازمة لي أو لك.