فصل : وجواب القسم إن كان إيجابا لزمته اللام والنون في المستقبل كقولك : والله لأذهبنّ ، وإنّما لزمها لدلالتها على التوكيد وحاجة القسم إليه وربّما جاء في الشعر حذف اللام.
وقد يكون الجواب مبتدأ وخبرا كقولك : والله لزيد منطلق وو الله إنّ زيدا لمنطلق ، وإن كان الجواب ماضيا قلت : والله لقد قام زيد ، فتؤكد باللام وإن كان الجواب نفيا قلت : والله ما قام وو الله لا يقوم ، ويجوز حذف (لا) في المستقبل لأمن اللبس بالإثبات ؛ لأنه في الإثبات تلزمه والنون.
فإن قيل : لم أكّد الإثبات دون النفي؟
قيل : لأن في الإثبات التزام إحداث الفعل أو ما يقوم مقامه ، وفي ذلك كلفة فاحتيج فيه إلى زيادة توكيد تحمل على الانتقال عن الأصل وتحمل المشقّة بخلاف النفي فإنّه بقاء على العدم.
فصل : وإذا قلت : لزيد منطلق من غير يمين في اللفظ فليست لام القسم بل لام الابتداء.
وقال الكوفيّون : هي لام القسم ، قالوا : والدليل عليه أنّها تدخل على الفضلات كقولك : لطعامك زيد آكل ، وليس الطعام بمبتدأ.
وحجة البصريّين : أنّ اللام إذا دخلت على مفعول (ظننت) ارتفع بالابتداء ولم يمكن تقدير القسم فيه ؛ لأن (ظننت) لا تلغى بالقسم فعلم أنّ تعليق (ظننت) لتحقّق الابتداء كما تعلّق بالاستفهام كقولهم : علمت أيّهم أخوك ، وأمّا قولهم : طعامك زيد آكل فإنّما جاز ؛ لأنها في حيّز الخبر إذ كانت معمولة له مقدّمة عليه فكأنّها داخلة على المبتدأ.
فصل : وممّا يستعمل في القسم : (أيمن الله) وهي مفردة عند البصريّين واشتقاقها من اليمن ، أي : البركة أو القوّة (١).
وقال الكوفيّون : هي جمع يمين ، واحتجّ الأوّلون بشيئين :
أحدهما : كسر همزتها فإنّها لغة مسموعة وهمزة الجمع لا تكسر.
__________________
(١) من العلماء من يجعل لفظ «أيمن» كلمة وضعت للقسم ويجعل همزته همزة وصل ومنهم من يقول هو جمع يمين كأيمان ويجعل همزته همزة قطع تقول «يا خالد أيمن الله لأفعلنّ كذا» بقطع الهمزة ويقال في «أيمن الله» «أيم الله» أيضا بحذف النون.