أحدهما : هو من صريف الناب والبكرة والقلم ، وهو الصوت الذي يكون من هذه الأشياء وعلى هذا يكون الصرف هو التنوين وحده ؛ لأنه صوت يلحق آخر الاسم.
والثاني : هو من صرفت الشيء ، وصرّفته إذا ردّدته وقلّبته في الجهات ، وعلى هذا يكون الجرّ من الصرف إذ به يزيد تقليب الكلمة والأوّل هو الوجه.
فصل : واختلف النحويّون في الصرف ، فمذهب المحقّقين أنّه التنوين وحده ، وقال آخرون : هو الجرّ مع التنوين ، والدليل على الأوّل من أربعة أوجه :
أحدها : أنّه مطابق لاشتقاق اسم الصرف على ما تقدّم.
والثاني : أنّ الاسم الذي لا ينصرف يدخله الجرّ مع الألف واللام والإضافة مع وجود العلّة المانعة من الصرف.
الثالث : أنّ الشاعر إذا اضطر إلى تنوين المرفوع والمنصوب ، قيل : قد صرف للضرورة ولا جرّ هناك.
والرابع : أنّه إذا اضطر إلى التنوين في الجرّ جرّ ونوّن ، ولو كان الجرّ من الصرف لفتح ونوّن ؛ لأن ضرورته لا تدعو إلى الكسر.
واحتجّ الآخرون من وجهين : أحدهما : أنّ الصرف من التصريف وهو التقليب والجرّ زيادة تغيير في الاسم فكان من الصرف.
والثاني : أنّ التنوين منع منه هذا الاسم لشبهه بالفعل لكونه من خصائص الأسماء والجرّ بهذه الصفة فيكون من جملة الصرف.
__________________
. ـ والجواب عن الأول من وجهين :
أحدهما : أن اشتقاق الصرف مما ذكرناه لا مما ذكروا وهو أقرب إلى الاشتقاق.
والثاني : أن تقلب الكلمة في الإعراب لو كان من الصرف لوجب أن يكون الرفع والنصب صرفا وكذلك تقلّب الفعل بالاشتقاق لا يسمى صرفا وإنما يسمى تصرفا وتصريفا.
وأما ما اشتهر في عرف النحويين فليس بتحديد للصرف بل هو حكم ما لا ينصرف فأما ما هو حقيقة الصرف فغير ذلك ثم هو باطل بالمضاف وما فيه الألف واللام فان تقلبه أكثر ولا يسمى منصرفا والله أعلم.