بدلا عنها لشبهها بها ومشاركتها الباء في المخرج ، فإذا تحرّكت النون صحّت نحو الشّنب ؛ لأنها بحركتها تزول غنّتها وتصير من حروف اللّسان ، وقد أبدلت الميم من الواو في قولهم : فمّ واصله فوه مثل فوز فحذفت الهاء اعتباطا فبقي فو واستحقّت الحركة الإعرابية فلو قلبت ألفا لحذفت بالتنوين وبقي الاسم المعرب على حرف واحد فأبدلوا منها حرفا من جنسها يشبه الواو ويتصوّر تحريكه والدليل على أنّ أصله فوه ما نذكره في باب الحذف والميم والواو من مخرج واحد فأمّا قول الفرزدق : [الطويل]
هما نفثا في فيّ من فمويهما |
|
على النّابح العاوي أشدّ رجام |
فقد جمع بين الميم والواو وفيه قولان :
أحدهما : أنّه جمع بين البدل والمبدل ومثل ذلك جائز في البدل دون العوض فوزنه الآن فمع.
والقول الثاني : أنّ الميم بدل من الياء التي هي لام الكلمة ثم قدّمتها على العين فوزنه الآن فلع وفيه بعد ؛ لأن الميم لا تشبه الهاء إلّا أنّها في الجملة من حروف الزيادة وفيها خفاء فساغ له أن يبدل منها حرفا أبين منها يشبه ما يشبهها وهو الواو فإنّ الميم تشبه الواو والواو تشبه الهاء ؛ ولهذا أبدلت منها في مواضع.
فأمّا قول العجّاج : [الرجز]
خالط من سلمى خياشيم وفا
ففيه وجهان :
أحدهما : أنّه أقرّ ألف النّصب مع غير الإضافة ؛ لأن آخر الأبيات قد أمن فيه التّنوين الحاذف للألف.
والثاني : أنّه نوى الإضافة لوجوب تقديرها فأراد في الحذف ما ثبت مع الإظهار.
وقد أبدلت الميم من لام المعرفة قالوا في السّفر امسفر وهو شاذّ وإنّما جوّزه قرب مخرج الميم من اللّام.