أحدها : أنّ الإعراب دخل الكلام ليفصل بين المعاني ، وذلك يحصل بإعراب واحد فلا حاجة إلى آخر.
والثاني : ما ذهب إليه لا نظير له ولا يصحّ قياسه على : (امرئ) و (ابن) ؛ لأن الحركات هنا تابعة لحروف العلّة وهذا يثبت الحركة في الوقف مع أنّ الإعراب يحذف في الوقف.
والثالث : أنّ (فوك) و (ذو مال) حرفان ويؤدي قوله إلى أن يكون الإعراب في جميع الكلمة.
وقال قطرب وأبو إسحق الزياديّ : هذه الحروف إعراب كالحركة ، وقد أفسدنا ذلك بما تقدّم.
وقال أبو عليّ وجماعة من أصحابه : هذه حروف إعراب دوالّ على الإعراب فجمعوا بين قول الأخفش وقول سيبويه ، إلا أنّهم لم يقدّروا فيها إعرابا وهذا مذهب مستقيم كما في التثنية والجمع ، ومذهب سيبويه أقوى لخروجه على القياس وموافقته للأصول.
فصل : وإذا أضفت : (أبا وأخا وحما وهنا) إلى ياء المتكلّم كانت بياء ساكنة مخفّفة ، وفي ذلك وجهان :
أحدهما : أنهم لم يعيدوا المحذوف هنا لئلّا يفضي إلى ياء مشدّدة قبلها كسرة مع كثرة استعمال هذه الأسماء فحذفوها تخفيفا.
والثاني : أنّ المضاف هنا مبني وهذه الحروف دوالّ على الإعراب وقائمة مقامه فلم يجتمعا ، وأمّا (في) فردّ فيه المحذوف لئلّا يبقى على حرف واحد وكان يشبه حرف الجرّ.
فصل : وإنّما أعربت هذه الأسماء بالحروف ؛ لأنها مفردة تحتاج في قياس التثنية والجمع إليها إذ كانت التثنية والجمع معربة بالحروف ضرورة وهي فروع والأسماء المفردة أصول ، فجعلوا ضربا من المفردات معربا بالحروف ليؤنس ذلك بالتثنية والجمع ، وإنّما اختاروا من المفردات هذه الأسماء ؛ لأنها تلزمها الإضافة في المعنى إذ لا أب إلا وله ابن ، وكذلك باقيها ولزوم الإضافة لها يشبهها بالتثنية إذ كان كلّ واحد منهما أكثر من اسم واحد.