ومنه متعدّ إلى مفعولين ثانيهما غير الأوّل نحو : أعطيت زيدا درهما ؛ لأن الإعطاء يقتضي آخذا ومأخوذا ، ويجوز تقديم أحدهما على الآخر إلا أن يؤدّي إلى اللبس كقولك : أعطيت زيدا عمرا فكل واحد منهما يصلح أن يكون آخذا وأن يكون مأخوذا ؛ فإذا لم يبن أحدهما من الآخر إلا بتقديم الآخذ لزم تقديمه كما يلزم في الاسمين المقصورين أن يتقدّم الفاعل.
فصل : وقد يكون الفعل متعدّيا إلى مفعول واحد بنفسه وإلى آخر بحرف الجرّ ثمّ يحذف الحرف فيتعدى إليه الفعل بنفسه كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف : ١٥٥] والتقدير من قومه.
فإن قيل : لم لا يكون الثاني بدلا من الأوّل؟
قيل : لأن الاختيار يقتضي أن يكون المختار بعضا من كلّ ؛ لأن ما هو واحد في نفسه لا يصحّ اختياره ، وإذا لم يكن بدّ من مختار منه لم يصحّ البدل ومن ذلك قولهم : [البسيط]
أمرتك الخير ...
أي : بالخير ، وأمّا قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] ففيه وجهان :
أحدهما : أنّ (ما) مصدريّة أي بالأمر وهو المأمور به.
والثاني : هي بمعنى : (الذي) فتقديره بالذي تؤمر بالصدع به ، ثم حذفت (الباء) ووصل الضمير ، فصار (بصدعه) ثمّ حذف (الصدع) ، فصار : (تؤمر به) ثم حذفت الباء والهاء دفعة واحدة في قول سيبويه ، وعلى قول الأخفش حذف : (الباء) فصار : (تؤمره) ثمّ حذفت الهاء.
فصل : فيما يعدّي الفعل وهي خمسة الهمزة كقولك : فرح زيد وأفرخته وتشديد العين كقولك : فرّحته ومعناها واحد والباء كقولك : فرحت به ، ومعناه غير معنى الأوليّن والتمثيل المطابق للأوّلين ذهبت بزيد ، أي : أذهبته كقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) [البقرة : ٢٠] وسين استفعل وزائدها وهما الهمزة والتاء كقوله : خرج الشيء واستخرجته ، وألف المفاعلة نحو : جلس زيد وجالسته ، وقربت من البلد وقاربته.