فصل : واختلفوا أيّ أقسام الفعل أصل لغيره ، فقال الأكثرون : هو فعل الحال ؛ لأن الأصل في الفعل أن يكون خبرا ، والأصل في الخبر أن يكون صدقا.
وفعل الحال يمكن الإشارة إليه فتحقّق وجوده فيصدق الخبر عنه ، وقال قوم : الأصل هو المستقبل ؛ لأنه يخبر عنه عن المعدوم ثم يخرج الفعل إلى الوجود فيخبر عنه بعد وجوده.
وقال الآخرون : هو الماضي ؛ لأنه لا زيادة فيه ولأنّه كمل وجوده فاستحقّ أن يسمّى أصلا.
فصل : الأصل في الفعل البناء ؛ لأن الإعراب دخل للفعل بين الفاعل والمفعول وليس في الفعل فاعل ولا مفعول فصار كالحرف.
فصل : والأصل أن يبنى على السكون ؛ لأن البناء ضدّ الإعراب على ما ذكر في صدر الكتاب إلا أنّ الفعل الماضي حرّك لشبهه بالمضارع إذ كان يقع موقعه في نحو قوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) [النمل : ٨٧] أي : فيفزع.
وفي الشّرط والجزاء : إذا ذهبت ذهبت.
وفي الحال كقولك : مررت بزيد قد كتب كقولك : يكتب والشّبه يقتضي إثبات حكم من أحكام المشابه للمشابه والحركة من أحكام المضارع إلّا أنّ حركة المضارع إعراب وحركة الماضي بناء وعلّة ذلك أنّ إعراب المضارع فرع على الاسم والماضي فرع على المضارع والفروع تنقص عن الأصول فكيف بفرع الفرع.
فصل : وإنّما جعلت حركته فتحة لأمرين :
أحدهما : أنّ أمثلة الفعل الماضي كثيرة فاختير له أخفّ الحركات تعديلا.
والثاني : أنّ الغرض تمييز هذا المبنيّ على المبنيّ على السكون والتمييز يحصل بالفتحة وهي أخفّ فلا يصار إلى الثقيل.
وقيل : لو كسر لبني على كسرة لازمة والفعل لم يدخله الجرّ مع أنه عارض ولم يضمّ ؛ لأن من العرب من
يحذف واو الجمع ويجعل الضمة دليلا عليها نحو ضرب في ضربوا وهذا وجه ضعيف.