مسألة : فعل الأمر (١) الذي ليس فيه حرف مضارعة مبنيّ على السكون وقال الكوفيّون هو معرب بالجزم واحتجّ الأوّلون من وجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في الفعل البناء وإنّما أعرب لمشابهته الإسم والمشابهة تتحقّق بحرف المضارعة فقط فإذا فقد فقدت فيخرج على الأصل.
والثاني : أن نزال وبابه مبنيّ لقيامه مقام الأمر فلو كان معربا لم يبن ما قام مقامه.
واحتجّ الآخرون من وجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في قم لتقم فحذف تخفيفا ، وقد جاء ذلك في المضارع الصريح قال الشاعر (٢) : [الطويل]
على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي |
|
لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى |
وقال آخر (٣) : [الوافر]
محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من شيء تبالا |
أي لتفد وقرئ : (فبذلك فلتفرحوا) على الخطاب ، أي : فافرحوا.
والوجه الثاني : أنّ حروف العلّة تسقط من هذا الفعل نحو اغز واسع وارم كما تسقط بالجازم.
والجواب عن الأول من وجهين :
__________________
(١) ما لزم البناء على السكون أو نائبه وهو نوع واحد وهو فعل الأمر وذلك لأنه يبنى على ما يجزم به مضارعه فيبنى على السكون في نحو اضرب وعلى حذف النون في نحو اضربا ، واضربوا واضربي وعلى حذف حرف العلة في نحو اغز واخش وارم.
(٢) البيت من شعر متمّم بن نويرة اليربوعي : (٣٠ ه / ٦٥٠ م) وهو متمّم بن نويرة بن حمزة بن شداد اليربوي التميمي أبو نهشل.
شاعر فحل ، صحابي ، من أشراف قومه ، اشتهر في الجاهلية والإسلام ، وكان قصيرا أعور ، أشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك ومنه قوله :
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قبل لن يتصدعا ، وندمانا جذيمة : مالك وعقيل. سكن متمم المدينة في أيام عمر وتزوج بها امرأة لم ترض أخلاقه لشدة حزنه على أخيه.
(٣) من شعر أبي طالب بن عبد المطلب عم الرسول صلىاللهعليهوسلم.