أحدهما : أنّ قم واذهب أصل بنفسه وليس الأصل فيه ما ذكروا ؛ لأنه لو كان كذلك للزم منه حذف العامل وحرف المضارعة وتغيير الضيغة وكلّ ذلك مخالف للأصل ولا سماع يدلّ عليه.
والثاني : يقدّر أنّ الأصل ما ذكروا ولكن بهذا الحذف زال شبه الفعل بالاسم فعاد إلى البناء.
والثالث : أنّ الجزم يحتاج إلى جازم وتقدير الجازم ممتنع لوجهين :
أحدهما : أنّه لا يصحّ ظهوره مع هذه الصيغة فلا تقول لاذهب والمقدّر كالمنطوق به.
والثاني : الجازم أضعف من الجارّ والجارّ لا يبقى عمله بعد حذفه فالجازم أولى.
فأمّا البيت فهو خبر وليس بأمر وحذف الياء ضرورة ولو قدّر أنه حذف اللام فلا يصح مثله في مسألتنا لوجهين :
أحدهما : أنّ حرف المضارعة باق هناك وليس بموجود هنا فلا يلزم من حذف شيء واحد حذف شيئين ولا يلزم من حذف ما عليه دليل وهو حرف المضارعة حذف ما لا دليل عليه.
والثاني : أنّ ذلك شاذّ سوّغته الضرورة.
وأمّا الوجه الثاني فليس بشيء ؛ لأن البناء يذهب الحركة فيذهب الحرف القائم مقامها وحروف العلّة قامت مقام الحركة على ما نبيّنه.
مسألة : الفعل المضارع أعرب لشبهه بالاسم من أوجه :
أحدها : أنّه يكون شائعا فتخصص بالحرف كقولك : زيد يصلّي فيحتمل أن يكون في الصلاة وأن يكون لم يشرع فيها ، وإذا قلت : سيصلي اختص كما أنّ رجلا يحتمل غير واحد ثم يختصّ بواحد بالألف واللام.
والثاني : أنّ اللام تدخل عليه في خبر إنّ كقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ) [النحل : ١٢٤] ولا تدخل على الأمر والماضي وحقّها أن تدخل على الاسم ؛ لأنها لام الابتداء زحلقت إلى الخبر فلو لا قوة الشّبه لم تدخل على هذا الفعل.