أحدهما : أنّهم غيّروا منه موضعا آخر بغير الضمّ.
والثاني : أنّ المحذوف قد أقيم المفعول مقامه.
فصل : وإنّما أقيم المفعول مقام الفاعل ليكون الفعل حديثا عنه ؛ إذ الفعل خبر ولا بدّ له من مخبر عنه ، ولمّا أقيم مقامه في الإسناد إليه رفع كما رفع الرافع له الفعل المسند إليه.
فصل : وإنّما لم يجز بناء الفعل اللازم لما يسمّ فاعله ؛ لأنه يبقى خبرا بغير مخبر عنه كقولك : جلس ، وقد ذهب قوم إلى جوازه على أن يكون المصدر المحذوف مضمرا فيه وساغ حذفه بدلالة الفعل عليه وهذا ضعيف جدّا ؛ لأن المصدر المحذوف لا يفيد إسناد الفعل إليه إذا كان الفعل يغني عنه ، ولا يصحّ تقدير مصدر موصوف ولا دالّ على عدد إذ ليس في الفعل دلالة على الصفة والعدد.
فصل : وإذا كان في الكلام مفعول به صحيح جعل القائم مقام الفاعل دون الظرف وحرف الجرّ لأربعة أوجه (١) :
__________________
(١) قال ابن هشام في شرح الشذور : إن لم يكن في الكلام مفعول به أقيم غيره من مصدر أو ظرف زمان أو مكان أو مجرور.
فالمصدر كقوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) وقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) وكون نفخة مصدرا واضح ، وأما شيء فلأنه كناية عن المصدر وهو العفو والتقدير والله أعلم فأيّ شخص من القاتل عفي له عفو ما من جهة أخيه
وظرف الزمان كقولك : صيم رمضان ، وأصله : صام الناس رمضان.
وظرف المكان كقولك : جلس أمامك ، والدليل على أن الأمام من الظروف المتصرفة التي يجوز رفعها قول الشاعر
فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها |
والمجرور كقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) ف (يؤخذ) فعل مضارع مبني لما لم يسم فاعله وهو خال من ضمير مستتر فيه ومنها جار ومجرور في موضع رفع أي لا يكن أخذ منها ولو قدر ما هو المتبادر من أن في يؤخذ ضميرا مستترا هو القائم مقام الفاعل ومنها في موضع نصب لم يستقم لأن ذلك الضمير عائد حينئذ على كل عدل وكل عدل حدث والأحداث لا تؤخذ وانما تؤخذ الذوات نعم ان قدر أن لا يؤخذ بمعنى لا يقبل صحّ ذلك.
وفهم من قولي فإن فقد فالمصدر الى آخره أنه لا يجوز اقامة غير المفعول به مع وجود المفعول به وهو مذهب البصريين الا الأخفش.