وحجّة الأوّلين من وجهين :
أحدهما : أنّ السماع لا يشهد به والقياس على الثقيلة متعذّر ؛ لأن كلّا منهما أصل يفيد ما يفيده الآخر ولا بدّ في الأصل المقيس عليه من اتّحاد العلّة وتماثل الحكمين.
والثاني : أنه يلزم من ذلك جمع بين ساكنين ، والثاني غير مدغم ، وذلك لا يجوز ولا يجوز تحريك الثّاني ؛ لأنه يخرج النون عن حكمها وهو السكون فلذلك لم تحرك هذه النون لساكن بعدها.
واحتجّ الآخرون بأنها نون توكيد فلحقت ما تلحقه الثقيلة واعترضوا على ما ذكرنا من وجهين :
أحدهما : أن الألف فيها مدّ يشبه الحركة فيجوز وقوع الساكن بعدها.
والثاني : أن الجمع بين ساكنين قد ورد كقولك : التقت حلقتا البطان وغير ذلك.
والجواب : أنّا قد بيّنا الفرق بين الخفيفة والثقيلة ، وأمّا مدة الألف فلا تجري مجرى الحركة لاستحالة تحرك الألف ولأنها لو كانت كالحركة لجاز أن يليها كلّ ساكن وليس كذلك ، وأمّا وقوع المدغم بعدها نحو دابّة وأصيّم وتمودّ الثوب فسبب ذلك أن المدغم حرف واحد متحرك في اللفظ ، وإن كان في التقدير حرفين ؛ ولذلك حسن فيه ولم يحسن في غير المدغم ، وقد دعا توهّم الجمع بين ساكنين هنا بعضهم إلى قلب الألف همزة مفتوحة فقال دأبّة وشأبّة ، وأمّا حلقتا البطان فشاذّ لا يقاس عليه.
مسألة : النون الثقيلة تفتح إلّا أن تقع قبلها ألف نحو تضربانّ واضربنانّ وإنّما حرّكت لئلا يجتمع ساكنان وفتحت طلبا للتخفيف خصوصا مع المثلين وإنما كسرت بعد الألف تشبيها بنون تضربان وهو الأصل في التحريك لالتقاء الساكنين.
مسألة : إنّما زيدت الألف قبل نون التوكيد في فعل جماعة النسوة لئلّا تتوالى ثلاث نونات زوائد على الفعل ففصل بالألف بينهما فإن قيل : فقد قالوا في المضارع تحننّ من حنّ يحنّ وفي الماضي حنّنّ وهي ثلاث نونات قيل ثنتان منها من نفس الفعل وواحدة ضمير بخلاف التوكيد.