فإن قيل : كيف تؤكّد جمع المؤنث من هذا الفعل هل تقول احننّانّ فمعك الآن خمس نونات ثنتان من نفس الفعل وواحدة ضمير وثنتان للتوكيد.
فإن قيل : فإن كان هذا الأمر من أنّ يئنّ كيف يلفظ به ، قيل : يقال ايننان فتقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فإن أردت ذلك من ودّ قلت : ايددنان فتقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فإن أردت ذلك من سنّ يسنّ قلت : اسنننانّ وإن أردته من وضؤ يوضؤ قلت : اوضؤنانّ ، وإن أردته من أزّ يئزّ قلت : أوززنانّ ، فإن أردت ذلك من وقع قلت : قعنانّ وإن أردته من رأى قلت : رينانّ ووزنه فينانّ فالمحذوف عين الكلمة ولامها ، فإن أردته من خاف وقام قلت : خافنّ يا زيد وخافنّ وخافنّ وخفنانّ ، وإذا تفطّنت لهذه المسائل وقفت على حقيقة الباب إن شاء الله تعالى.
مسألة : إذا وقفت على النون الخفيفة المفتوح ما قبلها أبدلت منها ألفا كقوله تعالى : (لَنَسْفَعاً) [العلق : ١٥] (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) [يوسف : ٣٢] ؛ لأن هذه النون أشبهت التنوين في نصب الأسماء فإن وقفت على المضموم ما قبلها والمكسور لم تبدل منها شيئا بل تحذفها وتردّ الكلمة إلى أصلها فتقول اضربوا واضربي وهل تضربون ؛ لأن التنوين لا يبدل منه مع غير الفتحة فالنون في الأفعال أولى.
مسألة : إذا وقفت على بدل النون ثم أجريت الوصل مجرى الوقف حذفت الألف من اللفظ لالتقاء الساكنين ولا تثبت النون التي هي أصل لأنّك لو أثبتّها لحرّكتها ، وذلك لا يجوز بخلاف التنوين فإنّه يحرّك لالتقاء الساكنين والفرق بينهما أنّ التنوين أكثر تصرّفا من النون وهو واقع في الأسماء التي هي الأصل وللأموال من التصرف ما ليس للفروع.
فصل : إذا وقعت نون التوكيد بعد الواو حركتها بالضمّ وبعد الياء حركتها بالكسر نحو اخشونّ ولا ترضين فالواو هاهنا ضمير الجماعة ولام الكلمة محذوفة والفتحة تدلّ على الألف المنقلبة عن اللام ولم يجز حذف الضمير لأنّك قد حذفت اللام فلو حذفت الضمير لضممت ما قبل النون أو كسرته فلا يبقى على الألف دليل وليس كذلك قولك : ارمنّ وارمنّ ؛ لأن ضمة الميم تدلّ على الواو والكسرة تدلّ على الياء المحذوفة.