والسؤال الثاني : لم قلبت همزة؟ ففيه وجهان :
أحدهما : أن القياس أن تقلب ألفا فلمّا تعذّر ذلك قلبت إلى أخت الألف.
والثاني : أنّها لو قلبت ياء لكان حكمها حكم الواو في وجوب إعلالها فقلبوها حرفا لا يجب إعلاله مع مشابهته حروف العلّة.
فصل : إذا وقعت الواو طرفا بعد ألف زائدة أصلا كانت أو زائدة قلبت ألفا ثمّ قلبت الألف همزة نحو : كساء.
فإن قيل : لم أبدلت؟ قيل : لأنها تطرّفت وتحرّكت والواو المتحرّكة مستثقلة والطرف ضعيف فلذلك قلبت وقبلها ساكن ألا ترى أنّها صّحت في : (شقاوة) و (عبايه) لمّا لم يتطرّفا فإن قيل : فقد أبدلها ههنا بعض العرب همزة فقالوا عباءة وصلاءة قيل هي لغة ضعيفة.
والوجه فيها : أنّه أدخل الهاء بعد القلب فلم يعدها إلى أصلها إذ كان حرف التانيث زائدا والتأنيث فرع فلم يتغيّر بهما الاصل فإن قيل : فلم أبدلت ألفا ثمّ همزة قيل هو اشبه بالقياس ؛ لأن حكم الواو إذا تحرّكت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، وقد بيّنّا أن قبلها فتحة أو كالفتحة فلمّا صارت ألفا حرّكت فانقلبت همزة لئلا يحذف أحد السّاكنين وكلّ منهما يجب أن يراعى.
فصل : إذا اجتمع واوان في أوّل الكلمة أبدلت الأولى منهما همزة نحو الأولى وجمع واصل. وتصغيره أواصل وأويصل وإنّما كان كذلك ؛ لأن الواو مستثقلة لكونها خارجة من عضوين وهي مقدّرة بضمّتين فالواوان في تقدير أربع ضمّات ثم هما من جنس واحد والنّطق بالحرف بعد حرف مثله شاقّ على اللسان حتى أوجب ذلك الإدغام إذا أمكن وهنا لا يمكن ؛ لأن المدغم الأوّل يجب أن يكون ساكنا والأوّل لا يمكن إسكانه فعند ذلك هرب إلى حرف آخر وهو الهمزة لما ذكرنا من قبل.
فصل : وأمّا إبدالها من الياء فقد جاء شاذّا في أيد قالوا قطع الله أده وأديه وأبدلت من الياء إذا وقعت عين فاعل نحو بائع وسائر ومن الياء لاما نحو قضاء ورداء والعلّة في ذلك كلّه ما تقدّم قبل.