وحجّة الأوّلين أنّه ضمير منفصل قائم بنفسه فلم يكن على حرف واحدك أنا ونحن ، وذلك أنّ قيامه بنفسه يدلّ على قوّته والحرف الواحد ضعيف.
واحتجّ الآخرون من وجهين :
أحدهما : أنّ الواو والياء تحذفان في التثنية والجمع نحوهما وهنّ وهم وفي الواحد المتّصل نحو رأيته ولو كانا منه لما حذفا.
والثاني : أنّهما قد حذفا في الشعر كقول الشاعر (١) : [الطويل]
فبيناه يشري رحله قال قائل |
|
لمن جمل رخو الملاط نجيب |
وقال آخر : [الرجز]
دار لسعدى إذه من هواكا
وضرورة الشعر تردّ إلى الأصل.
والجواب : أمّا التثنية والجمع فصيغ مرتجلة لما ذكرناه في هذين.
والثاني : أنّهم حذفوا الواو والياء فرارا من الثقل وذاك أنّ الهاء مضمومة والميم تشبه الواو فلو أثبتوا الواو متحرّكة ثقل اللفظ أو ظنّ أنّها كلمتان ولو سكّنوها لجمعوا بين ساكنين فكان الوجه حذفها ، وأمّا حذفها في المتّصل ففرارا من الثقل ، وأمّا حذفها في الشعر فلا حجّة فيه للاضطرار إليه ، وقد حذفوا ما لا يشكّ أنّه أصل كقوله [من الكامل] : (درس المنا) ، أي : المنازل ، [ومن الرجز] : (ورق الحمي) ، أي : الحمام.
فصل : اللام وحدها للتعريف وقال الخليل الألف واللام للتعريف بمنزلة هل وبل.
وحجّة الأوّلين من وجهين :
أحدهما : أنّ التعريف الحاصل في الاسم يجعله غير النكرة ؛ ولذلك إذا جاء آخر بيت نكرة وآخر بعده معرفة لم يكن إيطاءك رجل والرجل كما لو كان الثاني : على غير لفظ الأوّل بالكلّيّة
__________________
(١) البيت للعجير السلولي : (٩٠ ه / ٧٠٨ م) وهو العجير بن عبد الله بن عبيدة بن كعب ، من بني سلول.
من شعراء الدولة الأموية ، كان من أيام عبد الملك بن مروان ، كنيته أبو الفرزدق ، وأبو الفيل. وقيل : هو مولى لبني هلال ، واسمه عمير ، وعجير لقبه. كان جوادا كريما ، عدّه ابن سلام في شعراء الطبقة الخامسة من الإسلاميين ، وأورد له أبو تمام مختارات في الحماسة ، وقال ابن حزم : هو من بني سلول بنت ذهل بن شيبان.