الهمزة ـ بوزن الدّاعي ، وقرأه أبو عمرو والبزّي عن ابن كثير ويعقوب واللاي بياء ساكنة بعد الألف بدلا عن الهمزة وهو بدل سماعي ، قيل : وهي لغة قريش. وقرأ ورش بتسهيل الهمزة بين الهمزة والياء مع المد والقصر. وروي ذلك عن أبي عمرو والبزّي أيضا.
وذكر الظهر في قولهم : أنت عليّ كظهر أمي ، تخييل للتشبيه المضمر في النفس على طريقة الاستعارة المكنية إذ شبه زوجه حين يغشاها بالدابة حين يركبها راكبها ، وذكر الظهر تخييلا كما ذكر أظفار المنية في بيت أبي ذؤيب الهذلي المعروف ، وسيأتي بيانه في أول تفسير سورة المجادلة.
وقولهم : أنت عليّ ، فيه مضاف محذوف دل عليه ما في المخاطبة من معنى الزوجية والتقدير : غشيانك ، وكلمة «عليّ» تؤذن بمعنى التحريم ، أي : أنت حرام عليّ ، فصارت الجملة بما لحقها من الحذف علامة على معنى التحريم الأبدي. ويعدى إلى اسم المرأة المراد تحريمها بحرف (من) الابتدائية لتضمينه معنى الانفصال منها.
فلما قال الله تعالى (اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَ) علم الناس أنه يعني قولهم : أنت عليّ كظهر أمي.
والمراد بالجعل المنفي في قوله (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) الجعل الخلقي أيضا كالذي في قوله : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ، أي : ما خلقهن أمهاتكم إذ لسن كذلك في الواقع ، وذلك كناية عن انتفاء الأثر الشرعي الذي هو من آثار الجعل الخلقي لأن الإسلام هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، قال تعالى : (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ) إلا اللاء (وَلَدْنَهُمْ) [المجادلة : ٢] وقد بسط الله ذلك في سورة المجادلة وبه نعلم أن سورة المجادلة هي التي ورد فيها إبطال الظهار وأحكام كفارته فنعلم أن آية سورة الأحزاب وردت بعد تقرير إبطال الظهار فيكون ذكره فيها تمهيدا لإبطال التبنّي بشبه أنّ كليهما ترتيب آثار ترتيبا مصنوعا باليد غير مبني على جعل إلهي. وهذا يوقننا بأن سورة الأحزاب نزلت بعد سورة المجادلة خلافا لما درج عليه ابن الضريس وابن الحصار وما أسنده محمد بن الحارث بن أبيض عن جابر بن زيد مما هو مذكور في نوع المكي والمدني في نوع أول ما أنزل من كتاب «الإتقان». وقال السيوطي : في هذا الترتيب نظر. وسنذكر ذلك في تفسير سورة المجادلة إن شاء الله.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (تُظْهِرُونَ) بفتح التاء وتشديد الظاء مفتوحة دون