يعتق عليه إذا قال : لم أرد به أخوة النسب لأن ذلك يطلق في أخوة الإسلام بنص الآية ، وإذا قال أحد لدعيّه : يا بني ، على وجه التلطف فهو ملحق بالخطإ ولا ينبغي التساهل فيه إذا كانت فيه ريبة.
وقوله (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) يعود ضمير أمره إلى الأدعياء فلا يشمل الأمر دعاء الحفدة أبناء لأنهم أبناء. وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم في الحسن رضياللهعنه : «إنّ ابني هذا سيّد» وقال : «لا تزرموا ابني» ـ أي : لا تقطعوا عليه بوله ـ. وكذلك لا يشمل ما يقوله أحد لآخر غير دعي له : يا ابني ، تلطّفا وتقربا ، فليس به بأس لأن المدعو بذلك لم يكن دعيا للقائل ولم يزل الناس يدعون لداتهم بالأخ أو الأخت ، قال الشاعر :
أنت أختي وأنت حرمة جاري |
|
وحرام عليّ خون الجوار |
ويدعون من هو أكبر باسم العم كثيرا ، قال النمر بن تولب :
دعاني الغواني عمّهن وخلتني |
|
لي اسم فلا أدعى به وهو أول |
يريد : أنهن كنّ يدعونه : يا أخي.
ووقوع (جُناحٌ) في سياق النفي ب (لَيْسَ) يقتضي العموم فيفيد تعميم انتفاء الإثم عن العمل الخطأ بناء على قاعدة عدم تخصيص العام بخصوص سببه الذي ورد لأجله وهو أيضا معضود بتصرفات كثيرة في الشريعة ، منها قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) [البقرة : ٢٨٦] ، وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه».
ويفهم من قوله (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) النهي عن أن ينسب أحد إلى غير أبيه بطريق لحن الخطاب. وفي الحديث : «من انتسب إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا».
ويخرج من النهي قول الرجل لآخر : أنت أبي وأنا ابنك على قصد التعظيم والتقريب وذلك عند انتفاء اللبس ، كقول أبي الطيب يرقق سيف الدولة :
إنما أنت والد والأب القا |
|
طع أحنى من واصل الأولاد |
وجملة (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب : ٢٤] تعليل نفي الجناح عن الخطأ بأن نفي الجناح من آثار اتصاف الله تعالى بالمغفرة والرحمة بخلقه.