وهو والد عرابة بن أوس الممدوح بقول الشمّاخ :
رأيت عرابة الأوسيّ يسمو |
|
إلى الخيرات منقطع القرين |
في جماعة من منافقي قومه. والظاهر هو ما قاله السدّي لأن عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين ، فهو الذي يدعو أهل يثرب كلّهم.
وقوله (لا مُقامَ لَكُمْ) قرأه الجمهور بفتح الميم وهو اسم لمكان القيام ، أي : الوجود. وقرأه حفص عن عاصم بضم الميم ، أي : محلّ الإقامة. والنفي هنا بمعنى نفي المنفعة فلما رأى هذا الفريق قلة جدوى وجودهم جعلها كالعدم ، أي لا فائدة لكم في ذلك ، وهو يروم تخذيل الناس كما فعل يوم أحد.
و (يَثْرِبَ) : اسم مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وقال أبو عبيدة يثرب : اسم أرض والمدينة في ناحية منها ، أي : اسم أرض بما فيها من الحوائط والنخل والمدينة في تلك الأرض. سميت باسم يثرب من العمالقة ، وهو يثرب بن قانية الحفيد الخامس لإرم بن سام بن نوح. وقد روي عن البراء بن عازب وابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن تسميتها يثرب وسماها طابة.
وفي قوله (يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ) محسّن بديعيّ ، وهو الاتزان لأن هذا القول يكون منه مصراع من بحر السريع من عروضه الثانية المخبولة المكشوفة إذ صارت مفعولات بمجموع الخبل والكشف إلى فعلن فوزنه مستفعلن مستفعلن فعلن.
والمراد بقوله (فَرِيقٌ مِنْهُمُ) جماعة من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، وليسوا فريقا من الطائفة المذكورة آنفا ، بل هؤلاء هم أوس بن قيظي وجمع من عشيرته بني حارثة وكان بنو حارثة أكثرهم مسلمين وفيهم منافقون ، فجاء منافقوهم يعتذرون بأن منازلهم عورة ، أي : غير حصينة.
وجملة (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ) عطف على جملة (قالَتْ طائِفَةٌ) ، وجيء فيها بالفعل المضارع للإشارة إلى أنهم يلحّون في الاستئذان ويكررونه ويجددونه.
والعورة : الثغر بين الجبلين الذي يتمكن العدو أن يتسرب منه إلى الحي ، قال لبيد :
وأجنّ عورات الثغور ظلامها
والاستئذان : طلب الإذن وهؤلاء راموا الانخذال واستحيوا. ولم يذكر المفسرون أن النبي صلىاللهعليهوسلم أذن لهم. وذكر أهل السير أن ثمانين منهم رجعوا دون إذنه. وهذا يقتضي أنه لم يأذن لهم وإلا لما ظهر تميزهم عن غيرهم ، وأيضا فإن في الفعل المضارع من قوله