الهلالية من بني عامر بن صعصعة ، وسودة بنت زمعة العامرية القرشية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وصفية بنت حييّ النضيرية. وأما زينب بنت خزيمة الهلالية الملقبة أمّ المساكين فكانت متوفاة وقت نزول هذه الآية.
ومعنى (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) : إن كنتن تؤثرن ما في الحياة من الترف على الاشتغال بالطاعات والزهد ، فالكلام على حذف مضاف يقدر صالحا للعموم إذ لا دليل على إرادة شأن خاص من شئون الدنيا. وهذه نكتة تعدية فعل (تُرِدْنَ) إلى اسم ذات (الْحَياةَ) دون حال من شئونها.
وعطف (زِينَتَها) عطف خاص على عام ، وفي عطفه زيادة تنبيه على أن المضاف المحذوف عام ، وأيضا ففعل (تُرِدْنَ) يؤذن باختيار شيء على غيره فالمعنى : إن كنتن تردن الانغماس في شئون الدنيا ، وقد دلت على هذا مقابلته بقوله : (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) كما سيأتي.
و (فَتَعالَيْنَ) : اسم فعل أمر بمعنى : أقبلن ، وهو هنا مستعمل تمثيلا لحال تهيّؤ الأزواج لأخذ التمتيع وسماع التسريح بحال من يحضر إلى مكان المتكلم. وقد مضى القول على (تعال) عند قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) في سورة آل عمران [٦١].
والتمتيع : أن يعطي الزوج امرأته حين يطلقها عطية جبرا لخاطرها لما يعرض لها من الانكسار. وتقدم الكلام عليها مفصلا عند قوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) في سورة البقرة [٢٣٦]. وجزم (أُمَتِّعْكُنَ) في جواب (فَتَعالَيْنَ) وهو اسم فعل أمر وليس أمرا صريحا فجزم جوابه غير واجب فجيء به مجزوما ليكون فيه معنى الجزاء فيفيد حصول التمتيع بمجرد إرادة إحداهن الحياة الدنيا.
والسراح : الطلاق ، وهو من أسمائه وصيغة ، قال تعالى : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة : ٢٣١].
والجميل : الحسن حسنا بمعنى القبول عند النفس ، وهو الطلاق دون غضب ولا كراهية لأنه طلاق مراعى فيه اجتناب تكليف الزوجة ما يشقّ عليها. وليس المذكور في الآية من قبيل التخيير والتمليك اللذين هما من تفويض الطلاق إلى الزوجة ، وإنما هذا تخيير المرأة بين شيئين يكون اختيارها أحدهما داعيا زوجها لأن يطلقها إن أراد ذلك.