مع الإيماء إلى علة ذلك بأنه وقار لهن.
وقرأ الجمهور (بُيُوتِكُنَ) بكسر الباء. وقرأه ورش عن نافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وأبو جعفر بضم الباء.
وإضافة البيوت إليهن لأنهن ساكنات بها أسكنهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكانت بيوت النبي صلىاللهعليهوسلم يميّز بعضها عن بعض بالإضافة إلى ساكنة البيت ، يقولون : حجرة عائشة ، وبيت حفصة ، فهذه الإضافة كالإضافة إلى ضمير المطلقات في قوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) [الطلاق : ١]. وذلك أن زوج الرجل هي ربة بيته ، والعرب تدعو الزوجة البيت ولا يقتضي ذلك أنها ملك لهنّ لأن البيوت بناها النبي صلىاللهعليهوسلم تباعا تبعا لبناء المسجد ، ولذلك لما توفّيت الأزواج كلهن أدخلت ساحة بيوتهن إلى المسجد في التوسعة التي وسعها الخليفة الوليد بن عبد الملك في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة ولم يعط عوضا لورثتهن.
وهذه الآية تقتضي وجوب مكث أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم في بيوتهن وأن لا يخرجن إلا لضرورة ، وجاء في الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله أذن لكنّ أن تخرجن لحوائجكن» يريد حاجات الإنسان. ومحمل هذا الأمر على ملازمة بيوتهن فيما عدا ما يضطر فيه الخروج مثل موت الأبوين. وقد خرجت عائشة إلى بيت أبيها أبي بكر في مرضه الذي مات فيه كما دل عليه حديثه معها في عطيته التي كان أعطاها من ثمرة نخلة وقوله لها : «وإنما هو اليوم مال وارث» رواه في «الموطأ». وكنّ يخرجن للحج وفي بعض الغزوات مع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم لأن مقر النبي صلىاللهعليهوسلم في أسفاره قائم مقام بيوته في الحضر ، وأبت سودة أن تخرج إلى الحجّ والعمرة بعد ذلك. وكل ذلك مما يفيد إطلاق الأمر في قوله : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ).
ولذلك لما مات سعد بن أبي وقاص أمرت عائشة أن يمرّ عليها بجنازته في المسجد لتدعو له ، أي لتصلي عليه. رواه في «الموطأ».
وقد أشكل على الناس خروج عائشة إلى البصرة في الفتنة التي تدعى : وقعة الجمل ، فلم يغير عليها ذلك كثير من جلّة الصحابة منهم طلحة والزبير. وأنكر ذلك عليها بعضهم مثل : عمار بن ياسر ، وعلي بن أبي طالب ، ولكلّ نظر في الاجتهاد. والذي عليه المحققون مثل أبي بكر بن العربي أن ذلك كان منها عن اجتهاد فإنها رأت أن في خروجها