وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان ، وزعموا أن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم لسن من أهل البيت. وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشوا بين ما خوطب به أزواج النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله : «هؤلاء أهل بيتي» صيغة قصر وهو كقوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي) [الحجر : ٦٨] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم ، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها. ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين ، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها. ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال : من شاء بأهلية أنها نزلت في أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وأنه قال أيضا : ليس بالذي تذهبون إليه ، إنما هو نساء النبي صلىاللهعليهوسلم وأنه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة.
وأما ما وقع من قول عمر بن أبي سلمة : أن أم سلمة قالت : وأنا معهم يا رسول الله؟ ... فقال : «أنت على مكانك وأنت على خير». فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته ، وهذه جهالة لأن النبي صلىاللهعليهوسلم إنما أراد أن ما سألته من الحاصل ، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها ، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم ، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه ، فكان جواب النبي صلّى الله عليه وسلّم تعليما لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة : «إنك من أزواج النبي». وهذا أوضح في المراد بقوله : «إنك على خير».
ولما استجاب الله دعاءه كان النبي صلىاللهعليهوسلم يطلق أهل البيت على فاطمة وعلي وابنيهما ، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : «الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)» ، قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
واللام في قوله : (لِيُذْهِبَ) لام جرّ تزاد للتأكيد غالبا بعد مادتي الإرادة والأمر ، وينتصب الفعل المضارع بعدها ب (أن) مضمرة إضمارا واجبا ، ومنه قوله تعالى : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٧١] ، وقول كثير :
أريد لأنسى حبها فكأنما |
|
تمثّل لي ليلى بكل مكان |