الصنف حكمه خاص بالنبيء صلىاللهعليهوسلم وذلك أنه نكاح مخالف لسنة النكاح لأنه بدون مهر وبدون ولي.
وقد ورد أن النسوة اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلىاللهعليهوسلم أربع هن : ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة الأنصارية الملقبة أمّ المساكين ، وأم شريك بنت جابر الأسدية أو العامرية ، وخولة بنت حكيم بنت الأوقص السلمية. فأما الأوليان فتزوجهما النبي صلىاللهعليهوسلم وهما من أمهات المؤمنين والأخريان لم يتزوجهما.
ومعنى (وَهَبَتْ نَفْسَها) للنبي أنها ملّكته نفسها تمليكا شبيها بملك اليمين ولهذا عطفت على (ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) ، وأردفت بقوله : (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أي خاصة لك أن تتخذها زوجة بتلك الهبة ، أي دون مهر وليس لبقية المؤمنين ذلك. ولهذا لما وقع في حديث سهل بن سعد المتقدم أن امرأة وهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم وعلم الرجل الحاضر أن النبي عليه الصلاة والسلام لا حاجة له بها سأل النبي عليه الصلاة والسلام أن يزوجه إياها علما منه بأن تلك الهبة لا مهر معها ولم يكن للرجل ما يصدقها إياه ، وقد علم النبي صلىاللهعليهوسلم منه ذلك فقال له ما عندك؟ قال : ما عندي شيء. قال : اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال : لا والله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري فلها نصفه. قال سهل : ولم يكن له رداء ، فقال النبي : «وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ـ ثم قال له ـ ما ذا معك من القرآن؟ فقال : معي سورة كذا وسورة كذا لسور يعدّدها ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ملكناكها بما معك من القرآن».
وفي قوله : (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها) للنبي إظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : إن وهبت نفسها لك. والغرض من هذا الإظهار ما في لفظ النبي من تزكية فعل المرأة التي تهب نفسها بأنها راغبة لكرامة النبوءة.
وقوله : إن أراد النبي (أَنْ يَسْتَنْكِحَها) جملة معترضة بين جملة (إِنْ وَهَبَتْ) وبين (خالِصَةً) وليس مسوقا للتقييد إذ لا حاجة إلى ذكر إرادته نكاحها فإن هذا معلوم من معنى الإباحة ، وإنما جيء بهذا الشرط لدفع توهم أن يكون قبوله هبتها نفسها له واجبا عليه كما كان عرف أهل الجاهلية. وجوابه محذوف دل عليه ما قبله ، والتقدير : إن أراد أن يستنكحها فهي حلال له ، فهذا شرط مستقل وليس شرطا في الشرط الذي قبله.
والعدول عن الإضمار في قوله : (إِنْ أَرادَ) النبي بأن يقال : إن أراد أن يستنكحها