بليلة سوى ليلة سودة التي وهبتها لعائشة ، استمر ذلك إلى وفاته صلىاللهعليهوسلم. وقد جاء في الصحيح أنه كان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به كل يوم على بيوت أزواجه ، وكان مبدأ شكواه في بيت ميمونة إلى أن جاءت نوبة ليلة عائشة فأذنّ له أزواجه أن يمرض في بيتها رفقا به.
وروي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال حين قسم لهن «اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك» ، ولعل ذلك كان قبل نزول التفويض إليه بهذه الآية.
وفي قوله : (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) إشارة إلى أن المراد الرضى الذي يتساوين فيه وإلا لم يكن للتأكيد ب (كُلُّهُنَ) نكتة زائدة ، فالجمع بين ضميرهن في قوله : (كُلُّهُنَ) يومئ إلى رضى متساو بينهن.
وضميرا (أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَ) عائدان إلى (من) في قوله : (مِمَّنْ عَزَلْتَ). وذكر (وَلا يَحْزَنَ) بعد ذكر (أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) مع ما في قرّة العين من تضمّن معنى انتفاء الحزن بالإيماء إلى ترغيب النبي صلىاللهعليهوسلم في ابتغاء بقاء جميع نسائه في مواصلته لأن في عزل بعضهن حزنا للمعزولات وهو بالمؤمنين رءوف لا يحب أن يحزن أحدا.
و (كُلُّهُنَ) توكيد لضمير (يَرْضَيْنَ) أو يتنازعه الضمائر كلّها.
والإيتاء : الإعطاء وغلب على إعطاء الخير إذا لم يذكر مفعوله الثاني ، أو ذكر غير معيّن كقوله : (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأعراف : ١٤٤] ، فإذا ذكر مفعوله الثاني فالغالب أنه ليس بسوء. ولم أره يستعمل في إعطاء السوء فلا تقول : آتاه سجنا وآتاه ضربا ، إلا في مقام التهكم أو المشاكلة ، فما هنا من القبيل الأول ، ولهذا يبعد تفسيره بأنهن يرضين بما أذن الله فيه لرسوله من عزلهن وإرجائهن. وتوجيهه في «الكشاف» تكلف.
والتذييل بقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) كلام جامع لمعنى الترغيب والتحذير ففيه ترغيب النبي صلىاللهعليهوسلم في الإحسان بأزواجه وإمائه والمتعرضات للتزوج به ، وتحذير لهن من إضمار عدم الرضى بما يلقينه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي إجراء صفتي (عَلِيماً حَلِيماً) على اسم الجلالة إيماء إلى ذلك ، فمناسبة صفة العلم لقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) ظاهرة ، ومناسبة صفة الحليم باعتبار أن المقصود ترغيب الرسول صلىاللهعليهوسلم في أليق الأحوال بصفة الحليم لأن همه صلىاللهعليهوسلم التخلق بخلق الله