هم الذين في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) [الشورى : ١٨].
وصنف مؤمنون يسألون عنها محبة لمعرفة المغيبات ، وهؤلاء نهوا عن الاشتغال بذلك كما في الحديث : «أن رجلا سأل رسول الله : متى الساعة؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما ذا أعددت لها؟ فقال الرجل : والله يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم سوى أنّي أحب الله ورسوله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنت مع من أحببت».
وصنف يسأل اختبارا للنبي صلىاللهعليهوسلم لعله يجيب بما يخالف ما في علمهم فيجعلونه حجة بينهم على انتفاء نبوءته ويعلنونه في دهمائهم ليقتلعوا من نفوسهم ما عسى أن يخالطها من النظر في صدق الدعوة المحمدية. وهؤلاء هم اليهود نظير سؤالهم عن أهل الكهف وعن الروح.
ف (النَّاسُ) هنا يعم جميع الناس وهو عموم عرفي ، أي جميع الناس الذين من شأنهم الاشتغال بالسؤال عنها إذ كثير من الناس يسأل عن ذلك. وأهل هذه الأصناف الأربعة موجودون بالمدينة حين نزول هذه الآية.
وتقدم الكلام على نظير هذه الآية في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) في سورة الأعراف [١٨٧].
والخطاب في قوله : (وَما يُدْرِيكَ) للرسول صلىاللهعليهوسلم. و (ما) استفهام ما صدقها شيء.
و (يُدْرِيكَ) من أدراه ، إذا أعلمه. والمعنى : أي شيء يجعل لك دراية. و (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) مستأنفة لإنشاء رجاء.
و (لَعَلَ) معلقة فعل الإدراء عن العمل ، أي في المفعول الثاني والثالث وأما المفعول الأول فهو كاف الخطاب.
والمعنى : أيّ شيء يدريك الساعة بعيدة أو قريبة لعلها تكون قريبا ولعلها تكون بعيدا ، ففي الكلام احتباك.
والأظهر أن (قَرِيباً) خبر (تَكُونُ) وأن فعل الكون ناقص وجيء بالخبر غير مقترن بعلامة التأنيث مع أنه محتمل لضمير المؤنث لفظا (فإن اسم الفاعل كالفعل في اقترانه بعلامة التأنيث إن كان متحملا لضمير مؤنث لفظي) فقيل : إنما لم يقترن بعلاقة التأنيث لأن ضمير الساعة جرى عليها بعد تأويلها بالشيء أو اليوم. والذي اختاره جمع من