والمعنى : فعذب الله المنافقين والمشركين على عدم الوفاء بالأمانة التي تحملوها في أصل الفطرة وبحسب الشريعة ، وتاب على المؤمنين فغفر لهم من ذنوبهم لأنهم وفوا بالأمانة التي تحملوها. وهذا مثل قوله فيما مر : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) [الأحزاب : ٢٤] أي كما تاب على المؤمنين بأن يندموا على ما فرط من نفاقهم فيخلصوا الإيمان فيتوب الله عليهم وقد تحقق ذلك في كثير منهم.
وإظهار اسم الجلالة في قوله : (وَيَتُوبَ اللهُ) وكان الظاهر إضماره لزيادة العناية بتلك التوبة لما في الإظهار في مقام الإضمار من العناية.
وذكر المنافقات والمشركات والمؤمنات مع المنافقين والمشركين والمؤمنين في حين الاستغناء عن ذلك بصيغة الجمع التي شاع في كلام العرب شموله للنساء نحو قولهم : حل ببني فلان مرض يريدون وبنسائهم.
فذكر النساء في الآية إشارة إلى أن لهن شأنا كان في حوادث غزوة الخندق من إعانة لرجالهن على كيد المسلمين وبعكس ذلك حال نساء المسلمين.
وجملة (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) بشارة للمؤمنين والمؤمنات بأن الله عاملهم بالغفران وما تقتضيه صفة الرحمة.