بلفظ قريب من ألفاظ لغتهم على عادتهم كما عربوا شاول باسم طالوت وهو ممنوع من الصرف لزيادة الألف والنون لا للعجمة.
وتقدم تعريف (الْحِكْمَةَ) عند قوله تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) في سورة البقرة [٢٦٩] ، وقوله (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) في سورة النحل [١٢٥].
و (أَنِ) في قوله (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) تفسيرية وليست تفسيرا لفعل (آتَيْنا) لأنه نصب مفعوله وهو الحكمة ، فتكون (أَنِ) مفسرة للحكمة باعتبار أن الحكمة هنا أقوال أوحيت إليه أو ألهمها فيكون في الحكمة معنى القول دون حروفه فيصلح أن تفسر ب (أَنِ) التفسيرية ، كما فسرت حاجة في قول الشاعر الذي لم يعرف وهو من شواهد العربية:
إن تحملا حاجة لي خفّ محملها |
|
تستوجبا منة عندي بها ويدا |
أن تقرءان علي أسماء ويحكما |
|
مني السلام وأن لا تخبرا أحدا |
والصوفية وحكماء الإشراق يرون خواطر الأصفياء حجة ويسمونها إلهاما. ومال إليه جمّ من علمائنا. وقد قال قطب الدين الشيرازي في «ديباجة شرحه على المفتاح» : أما بعد إني قد ألقي إليّ على سبيل الإنذار ، من حضرة الملك الجبار ، بلسان الإلهام ، إلّا كوهم من الأوهام ، ما أورثني التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار السرور ، إلخ.
وكان أول ما لقنه لقمان من الحكمة هو الحكمة في نفسه بأن أمره الله بشكره على ما هو محفوف به من نعم الله التي منها نعمة الاصطفاء لإعطائه الحكمة وإعداده لذلك بقابليته لها. وهذا رأس الحكمة لتضمنه النظر في دلائل نفسه وحقيقته قبل النظر في حقائق الأشياء وقبل التصدي لإرشاد غيره ، وأن أهم النظر في حقيقته هو الشعور بوجوده على حالة كاملة والشعور بموجده ومفيض الكمال عليه ، وذلك كله مقتض لشكر موجده على ذلك. وأيضا فإن شكر الله من الحكمة ، إذ الحكمة تدعو إلى معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه لقصد العمل بمقتضى العلم ، فالحكيم يبث في الناس تلك الحقائق على حسب قابلياتهم بطريقة التشريع تارة والموعظة أخرى ، والتعليم لقابليه مع حملهم على العمل بما علموه من ذلك ، وذلك العمل من الشكر إذ الشكر قد عرف بأنه صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من مواهب ونعم فيما خلق لأجله ؛ فكان شكر الله هو الأهم في الأعمال المستقيمة فلذلك كان رأس الحكمة لأن من الحكمة تقديم العلم بالأنفع على العلم بما هو دونه ؛ فالشكر هو مبدأ الكمالات علما ، وغايتها عملا.