أبو البركات إلى الحافظ أبي الفضل بن ناصر وسأله فسمّعه الحديث. فأسمعه من أبي الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري وهبة الله بن الحصين وأحمد بن الحسن بن البنا وأبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وجماعة آخرين ، تجمعهم مشيخته (١) التي خرّجها لنفسه ولازم ابن ناصر وانقطع إليه ، وتخرج به ، وقرأ الفقه والخلاف والجدل على ابن الزاغوني ثم على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري وعلى القاضي أبي يعلى ، وقرأ الأدب على ابن الجواليقي واشتغل بعلم الوعظ حتى صار أوحد أهل زمانه في ترصيع الكلام. وصنف مصنفات كثيرة لا تحصى في سائر الفنون ، وهو آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي. وله الشعر الفائق ، والنثر الرائق.
أنشدني أبو الحسن بن القطيعي قال : أنشدنا أبو الفرج بن الجوزي لنفسه :
ولما رأيت ديار الصفا |
|
أقوت من إخوان أهل الصفا |
سعيت إلى سد باب الوداد |
|
وأحزن قلبي دناة الوفا |
فلما اصطحبنا وعاشرتكم |
|
علمتم بكم أن رأى ورأى |
نقلته من خط ابن الجوزي ، قال : لا أحقق مولدي ، غير أنه مات [والدي] (٢) في سنة أربع عشرة وقالت الوالدة : كان لك من العمر نحو ثلاث سنين.
توفي في ليلة الجمعة المسفر صباحها عن الثاني عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، ودفن بباب حرب.
من أهل شيزر (٣). من بيت الإمارة والأدب ، قدم بغداد رسولا من الملك الناصر صلاح بن يوسف ، روى بها شيئا من شعره.
أنشدني ابن القطيعي قال : أنشدني أبو الحارث عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ لنفسه ببغداد :
لام العذول على هواه |
|
فقلت عذل لا يفيد |
زادت ملامته فقلّوا |
|
من ملامي أو فزيدوا |
__________________
(١) في الأصل : «مسحه».
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
(٣) في الأصل : «سيرر».