من أهل دمشق. قرأ القرآن بالروايات على أبي اليمن الكندي ، وسمع الحديث من أبي طاهر الخشوعي والقاضي أبي القاسم بن عبد الصمد في آخرين ، وكتب بخطه الكثير وحصّل ، وتصدر بجامع دمشق للإقراء ، ثم إنه قدم بغداد في سنة إحدى وستمائة ، فسمع من أصحاب ابن الحصين ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وقرأ القرآن على أبي أحمد بن سكينة ، ثم عاد إلى دمشق ، ثم قدمها مرة ثانية في سنة خمس وستمائة فأقام بها مدة ، ثم انحدر إلى واسط فسمع ابن الماندائي ، وسافر إلى العراق ، فسمع بهمذان والري وأصبهان.
وكان حافظا لطرق القراءات بوجوهها ، له يد في معرفة النحو وتحفظ الحديث وله به وبعلومه معرفة ، إلا أنه كان متسمحا في الحديث.
لم يكن من أهل الإتقان ولا التحري ؛ ونقل سماعات على مسند السراج بجماعة من شيوخنا ، وسمعها الحافظ بنقله ، ثم طولب بالأصل ، فأحال على مواضع طلبت فلم توجد ، واختلف كلامه واختلط ، فتركنا رواية هذا المسند عمن نقل سماعهم ، ولم نعتمد على ذلك.
وكان مطعونا عليه في دينه وأمانته ، شوهد مرات يصلي بالناس إماما وهو على غير وضوء ، وسرق كتب ابن السمعاني من مرو وأنفذها إلى هراة ، وفعل أشياء لا تليق بأهل الدين.
مولده في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق.
وبلغنا أن الترك التتار أسروه لما استولوا على نيسابور ، وكان في صفر سنة ثمان عشرة وستمائة ، وأظنهم أهلكوه بعد ذلك ـ والله أعلم.
من أهل فارس ، ويعرف بالركن. قدم بغداد طالبا للعالم ، ونزل النظامية.
قال أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» : عبد الغافر السروستاني كان معنا في النظامية ببغداد ، وهو عارف باللغة ، كثير الفضل ، وغلب عليه العشق حتى حمل إلى البيمارستان وقيّد ، وكان عفيفا مستورا فاضلا ، وبلي بهذا البلاء ، فلما برأ من المرض لم يقم ببغداد خجلا.
__________________
(١) في الأصل : «الشروستانى».
(٢) انظر : طبقات الشافعية ، للسبكي ٤ / ٢٥٥.