القاسم من أهل دمشق كثير العلم ، حافظ متقن ديّن خيّر ، جمع من معرفة المتون والأسانيد ، صحيح القراءة متثبت محتاط ، رحل في طلب الحديث ، وتعب في جمعه ، وبالغ في الطلب. ورد بغداد ، وسمع بها من أصحاب البرمكي والتنوخي والجوهري ، ثم رجع إلى دمشق ، ورحل إلى خراسان ودخل نيسابور قبلي بشهر أو أكثر ، ثم رأيت نيسابور وصادفته بها ، وجمع ونسخ ، وأقام مديدة ببغداد ، وحدثني بأحاديث ، ثم اجتمعت به في رحلتي إلى الشام ببلدة دمشق في سنة خمس وثلاثين [وخمسمائة] (١) ، وأفادني عن شيوخها ، وسعى في تحصيل الشيخ لي ، كتبت عنه وكتب عني ، وكان قد شرع في «التاريخ الكبير» لدمشق على نسق تاريخ الخطيب ؛ وصنّف التصانيف ، وخرّج التخاريج.
قال الحافظ أبو محمد القاسم : ولد أبي في محرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة ؛ وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بدمشق ، ودفن بمقابر باب الصغير ـ رضياللهعنه ورحمه.
من أهل البصرة ، كان جوّالا ، سافر إلى الشام ، ودخل ديار مصر وصحب المشايخ ، وكانت أحواله ومقاماته حسنة ، وصار من مشاهير الزهّاد والعلماء الورعين ، له كرامات ، سكن بغداد إلى حين وفاته ، سمع بمصر من أبي الحسن علي بن الحسن الخلعي ، وحدّث ؛ روى عنه الحافظ بن عساكر.
اجتمع الإمام أبو حامد الغزالي وإسماعيل الحاتمي وأبو الحسن البصري وإبراهيم الشباك في آخرين بالمسجد الأقصى ، فأنشد منشد هذين البيتين :
فديتك لو لا الحب كنت فديتني |
|
ولكن بسحر المقلتين سبيتني |
أتيتك لما ضاق صدري من الهوى |
|
و [لو] (٢) كنت تدري كيف شوقي أتيني |
قال : فتواجد أبو الحسن البصري وجدا أثر في الحاضرين ، وتوفي محمد الكازروني من بين الجماعة في ذلك المجلس ورفع ميتا.
توفي أبو الحسن البصري في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وخمسمائة ـ رحمهالله.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.