تفقه بالمدرسة الكمالية على أبي القاسم الفراتي الضرير ، غلام ابن الخل وسمع الحديث من شيوخنا أبي الفرج بن الجوزي ، وذاكر بن كامل ويحيى بن بوش وأمثالهم ، ثم إنه سافر إلى الموصل ، وسكن بدار الحديث المظفرية ، وصحب شيخها عبد القادر الرهاوي ، وكتب بخطه كثيرا وقرأ بنفسه. وكان شابا أديبا فاضلا ، يكتب خطا حسنا ، متوددا (١) ، طيب الأخلاق.
أنشدني رفيقنا أحمد بن محمد الأزجي لنفسه :
أحبة قلبي طال شوقي إليكم |
|
وعز دوائي (٢) ثم لم يبق لي صبر |
أحن إليكم والحنين يذيبني |
|
وأشتاقكم عمري وينصرم العمر |
فو الله ما اخترت البعاد ملالة |
|
ولا عن قلى [يا] سادتي فلي العذر |
ولكن قضى ربي بتشتيت |
|
له الحمد فيما قد قضى وله الشكر |
شملنا فصبرا لعل الله يجمع بيننا |
|
نعود كما كنا ويصفو لنا الدهر |
وجد أبو بكر الأزجي مقتولا على باب داره في سحرة يوم الأربعاء السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة عشر وستمائة ، ودفن بمقبرة معروف الكرخي. وما أظنه بلغ الأربعين.
أديب ، غزير الفضل ، وشاعر مليح الشعر ، فمنه :
إنّ التواضع رفعة |
|
خلق الكريم لها خلق |
كالبدر أحسن ما ترا |
|
ه العين في ذيل الأفق |
وله :
فرشت خدي للعشاق (٤) قاطبة |
|
فصحن خدي لهم أرض إذا عتقوا |
لو لا اخضراري من سقيا مدامعهم |
|
لكنت من زفرات الوجد أحترق |
__________________
(١) في الأصل : «مقودد».
(٢) في الأصل : «دواوى».
(٣) انظر : شذرات الذهب ٤ / ٥٧. ووفيات الأعيان ١ / ١٢١ ـ ١٢٤.
(٤) في الأصل : «العشاق».