الحافظ أبا الحسن علي بن المفضل المقدسي يقول : كتب البلخي مرة رقعة إلى شيخنا الحافظ السلفي وكتب على رأسها «فراش لمعة وفراش سمعة» قال : فأعجب بها شيخنا كثيرا وكان يكررها.
ويقال إنه كان يسب الصحابة (١) كثيرا. مولده في أوائل سنة ثلاثين وخمسمائة في ربيع الأول منها ، وتوفي في يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة ست وسبعين وخمسمائة ـ رحمهالله.
من أهل مرسية من بلاد الأندلس ـ قدم علينا بغداد شابا طالبا للعلم قافلا من مكة سنة خمس وستمائة ، وأقام يسمع من شيوخنا الحديث ويقرأ الفقه والخلاف والأصلين بالمدرسة النظامية ، ثم إنه سافر إلى خراسان وسمع بنيسابور وهراة ؛ وحدّث ببغداد بكتاب «السنن» لأبي بكر البيهقي (٤) عن منصور بن عبد المنعم الفراوي.
وكان من الأئمة الفضلاء في جميع فنون علم (٥) الحديث وعلوم القرآن والفقه والخلاف والأصلين والنحو واللغة ، وله قريحة حسنة ، وفهم ثاقب ، وتدقيق في المعاني ، وله مصنفات في جميع ما ذكرناه من العلوم ، وهو مشتغل بذلك في جميع أوقاته ، وله النظم والنثر المليح ، ومع ذلك فهو زاهد متورع ، حسن الطريقة ، متدين ، كثير العبادة ، متعفف ، نزه النفس ، قليل المخالطة للناس ، ما رأيت في فنه مثله.
أنشدنا الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي الفضل السلمي لنفسه :
من كان يرغب في النجاة فما له |
|
غير اتباع المصطفى فيما أتى |
ذاك السبيل المستقيم وغيره |
|
سبل الضلالة والغواية والردى |
فاتبع كتاب الله والسنن التي |
|
صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى |
ودع السؤال بكم وكيف فإنه |
|
باب يجر ذوي البصيرة للعمى |
__________________
(١) في الوافي : «يدس سب الصحابة».
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من الوافي.
(٣) انظر : الوافي بالوفيات ٣ / ٣٥٤. وشذرات الذهب ٥ / ٢٦٩. ومعجم الأدباء ١٨ / ٢٠٩ ـ ٢١٣.
(٤) في الوافي : «حدث بالسنن الكبير للبيهقي وبغريب الحديث للخطابي».
(٥) في الأصل : «في جميع فنون العلم»