سبط المبارك بن المبارك ، المعروف بابن التعاويذي ، من ساكني دار الخلافة ، وكان شاعرا مجودا رشيق الألفاظ مليح المعاني رقيق الغزل حلو العبارة ، أكثر القول في الغزل وحدّث بشعره.
أخبرنا أبو الحسين بن الوارث قال : أنشدنا ابن التعاويذي لنفسه :
أمط اللثام عن العذار السائل (٢) |
|
ليقوم عذري فيك عند عواذلي |
واغمد لحاظك قد فللت تجلدي |
|
واكفف سهامك قد أصبت مقاتلي |
لا تجمع الشوق المبرح والقلى |
|
والبين لي أحد (٣) الثلاثة قاتلي |
يكفيك ما تذكيه بين جوانحي |
|
لهواك نار لواعجي وبلابلي |
وهناك أني لا أدين صبابة |
|
لهوى سواك ولا ألين لعاذلي |
بت لاهيا جذلا بحسنك إنني |
|
مذ بتّ في شغل بحزني شاغل |
واعطف على جلد كعهدك في الهوى |
|
واه وجسم مثل خصرك ناحل |
ويلاه من هيف بقدك ضامن |
|
تلفي ومن كفل بوجدي كافل |
وبنفسي الغضبان لا يرضيه غي |
|
ر دمي وما في سفكه من طائل (٤) |
تصمي نبال جفونه قلبي فلا |
|
شلت وإن أصمت يمين النابل |
ويهز قدا كالقناة لحاظه |
|
لمحبه منها مكان العامل |
عانقته أبكي ويبسم |
|
كالبرق أومض مض في غمام هاطل |
فألين في الشكوى لفاس قلبه |
|
وأجد في وصف الغرام الهازل |
أخبرنا علي بن المبارك بن علي الحلاوي (٥) ، قال : أنشدنا ابن التعاويذي لنفسه :
تعشقته واهي المواثيق مذاقا |
|
نرى كل يوم في الهوى منه أخلاقا |
أشد نفارا من جفوني عن الكرى |
|
وأضعف من عزمي على الصبر (٦) سباقا |
كثير التجني كما قل عطفه |
|
على عاشقيه زاده الله عشاقا |
__________________
(١) انظر : العبر في خبر من غبر ٤ / ٢٥٣. ووفيات الأعيان ٤ / ٩٠. والوافي بالوفيات ٤ / ١١.
ومعجم الأدباء ١٨ / ٢٣٥ ـ ٢٤٩.
(٢) في الأصل : «السائلى».
(٣) في الأصل : «والبين في أحد».
(٤) في الأصل : «من كايل».
(٥) هكذا في الأصل.
(٦) في الأصل : «عيزى على الصب».