من أهل أصبهان. كان من حفاظ الحديث ، سمع الكثير ، وقرأ بنفسه ، وكتب بخطه. قدم بغداد في شبابه ، وسمع بها أبا القاسم بن الحصين وأبا العز بن كادش وأبا بكر الأنصاري. ثم قدمها ثانيا وحدث بها عن أبي علي (١) الحسن الحداد وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، وأملى بجامع القصر بعد صلاة الجمعة ، واستملى عليه ابن الأخضر.
سمعت جماعة من أهل أصبهان يقولون : إنه كان يحفظ الصحيحين ، وكانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى بالحفظ.
أخرج إليّ شيخنا أبو عبد الله الحنبلي بأصبهان محضرا قد كتب في حق أبي الخير ابن موسى وطلب من مشايخ الوقت أن يكتبوا فيه ما يعرفونه من حاله من مدح أو قدح ، فشاهدت فيه خط إسماعيل بن محمد بن الفضل وعبد الجليل بن محمد المعروف بكوتاه وجماعة من الأئمة ، وكلهم شهدوا أن أبا الخير بن موسى لا يحتج بنقله ، ولا يقبل قوله ، ولا يعتمد عليه ، ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.
مولد أبي الخير في ثامن صفر سنة خمسمائة.
وتوفي في عشية سابع عشرين شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة.
من ساكني الشمعية. قرأ القرآن وتفقه على مذهب الإمام أحمد ، وتكلم في مسائل الخلاف ، وحصّل من الأدب طرفا صالحا ، وسمع الكثير في صباه من أبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات بن زريق وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل ، وبالغ في الطلب بهمة عالية وجد واجتهاد.
وسافر في طلب الحديث إلى الشام والجزيرة وديار مصر والعراق وما وراء النهر ، وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الخط ، صحيح النقل والضبط ، متقنا فاضلا. وبعد خروجي من مرو توجه إلى بخارى وسمرقند ، ثم إلى خوارزم وسكنها إلى أن استولى عليها التتر الترك وأهلكوا أهلها. فلا أدري أهلك مع من هلك أو خرج منها هاربا مع من هرب! والله أعلم.
__________________
(١) في الأصل : «يعلى».
(٢) انظر : شذرات الذهب ٥ / ٨٠. ومعجم المؤلفين ٥ / ٢١٤.