وكان يزعم أنه سمع من زاهر بن أحمد السرخسي «كتاب الأربعين» لمحمد بن أسلم ، ورواه عنه. فذكر بعض أهل العلم أنه لم يسمع من زاهر شيئا. وخرج له البيهقي عدة أجزاء «فوائد لطاف» ولم يخرج له فيها عن زاهر شيئا.
قلت : هكذا ذكر ابن طاهر هذا الكلام في كتابه «تكملة الكامل في ضعفاء المحدثين» من جمعه ، وقد وهم في قوله : «لم يخرج له البيهقي في فوائده عن زاهر شيئا» لأن البيهقي خرج له في هذه الفوائد عدة أحاديث عن زاهر. وذكر أن عدة أجزائها عشرة ، وأنها لطاف ؛ وقد كتبت هذه الفوائد بأصبهان ، وسمعتها من جماعة وهي أحد وعشرون جزءا ، ولم يزل المقدسي كثير الوهم فيما يجمعه لتهوره وعجلته وإعجابه بنفسه. وإنما الشيخ الذي لم يخرج له البيهقي عنه في فوائده هو بشر بن أحمد الأسفراييني ، فإن العيار قد روى عنه هذا من حديث قتيبة بن سعيد.
ورأيت بخط الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الأصبهاني أحاديث قد كتبها عن العيار عن بشر بن أحمد الأسفراييني ثم إنه عاد وضرب عليها بقلمه وكتب عندها : «كذب العيار في روايته عن بشر» والله أعلم! فإن كان ابن طاهر قد سمع ممن حكى عنه أنه بشر واشتبه عليه ابن أحمد فهو صحيح ، وإلا فليس بشيء ـ والله أعلم.
مولده ـ العيار سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. وقال بعضهم : سبب تسميته بالعيار أنه كان في ابتدائه يسلك مسلك الشطار ، ثم رجع إلى هذه الطريقة.
توفي بغزنة في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
وذكر أبو الفضل بن خيرون وفاته في سنة اثنتين وخمسين ـ حكاه الحميدي عن ابن خيرون.
من أولاد الدهاقين ، وأصله من النهروان الأوسط. ولد ببغداد ونشأ بها. وكان يذكر أنه مولى بني سامة بن لؤي. ويقال إنه ادعى أنه من أولاد ملوك الفرس. وكان شاعرا كاتبا مترسلا فصيحا مقدما في صناعته ، إلا أنه كثير السرقات والإغارة. فهو كما قال بعضهم : لو قيل لكلام سعيد : ارجع إلى أهلك لما بقي عليه إلا التأليف.
__________________
(١) انظر : الأغانى ١٧ / ٢. والأعلام للزركلي ٣ / ١٤٦.