حرف الباء
من أهل الكوفة. حدّث عن أيمن بن نائل وعمرو بن دينار وعاصم بن أبي النجود ، وكان من عقلاء المجانين.
روى المصنف مسنده إلى محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، قال : رأيت بهلولا في بعض المقابر وقد دلى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب ، فقلت له : ما تصنع هاهنا؟ فقال : أجالس أقواما لا يؤذونني ، وإن غبت عنهم لا يغتابونني ، فقلت : قد غلا السعر بمرة فهل تدعو الله فيكشف؟ فقال : والله ما أبالي ، ولو حبة بدينار ، إن لله علينا أن نعبده كما أمرنا ، وإن عليه أن يرزقنا كما وعدنا! ثم صفق يده وأنشأ يقول :
يا من تمتع بالدنيا وزينتها |
|
ولا تنام عن اللذات عيناه |
شغلت نفسك فيما لست تدركه |
|
تقول لله ما ذا حين تلقاه |
وله :
دع الحرص على الدنيا |
|
وفي العيش فلا تطمع |
ولا تجمع من المال |
|
ولا تدري لمن تجمع |
فإن الرزق مقسوم |
|
وسوء الظن لا ينفع |
فقير كل ذي حرص |
|
غني كل من يقنع |
قال علي بن عبد الصمد بن الكوفي : خدمت بهلولا عشر سنين أطوف معه حيث طاف ، أتسقّط من نوادره ، وأتلقّف من أشعاره ، وأذبّ عنه من يؤذيه ، فافتقدته ذات مرة أياما ، فلم أره على شدة طلبي له ، وافتقادي أثره إلى أن صادفته يوما في بعض أزقة الكوفة والصبيان حوله يرمونه بالحصى. فلما رأيته قصدت نحوه ، فسلمت عليه ، فلم يرد عليّ إلا أن قال : نحّ عنّي أولاد الطوامث ، ففعلت ، وجعلت أسأله عن أمره وحاله إلى أن قلت له : ما تشتهي؟ قال : أريد الباقي بدهن شيرج أو دهن الجوز ، فهيأته له وأدخلته مسجدا ، ووضعت القصعة بين يديه ، فأقبل يأكل أكلا دلّني على أنه جائع. فأمهلته إلى أن أتى على بعض ما في القصعة ، فقلت له : أيها الأستاذ! هل أحدثت في زقة البشرة شيئا؟ فضرب يده إلى القصعة وهم أن يضرب بها رأسي ، فتغافلت عنه إلى
__________________
(١) انظر : فوات الوفيات ١ / ١٥٣ ـ ١٥٥. والطبقات الكبرى للشعرانى ، ٧٩.