عليه الآية المذكورة أعني قوله تعالى (١) «لا تَجِدُ قَوْماً» الآية ويعضده هذه الآية أيضا قوله عزوجل (٢) «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ» الى أن قال «وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ».
وأنت خبير بما فيها من التسجيل على النهي عن الموادة لهم على أبلغ وجه وأكده ، ولا ريب أن الوصية لهم نوع محبة كما لا يخفى ، وبما ذكرناه من الاعتضاد بهذه الآية والأخبار المذكورة يظهر ترجيح العمل بآية «لا تَجِدُ قَوْماً» على الآية الأخرى وهي (٣) «لا يَنْهاكُمُ اللهُ» الآية.
ومن المحتمل قريبا تخصيص هذه الآية بمعنى لا ينافي ما دلت عليه تلك الآيات والأخبار ، كما ذكره الطبرسي في كتاب مجمع البيان ، قال : أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد الذين عاهدوكم على ترك القتال ، وبرهم ومعاملتهم بالعدل ، وهو قوله (٤) «أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد ، نقل ذلك عن الزجاج ، وإذا قام هذا الاحتمال فلا دلالة في الآية على المخالفة ، ثم نقل قولا بأنها منسوخة بآية (٥) «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» عن ابن عباس والحسن وقتادة وعلى هذا فلا إشكال أيضا إلا أن ظاهر كلامه الأخير يؤذن بالمخالفة ، وقد تقدم نقله في كتاب الوقف.
والمراد بالناصب في هذه الأخبار هو المخالف الغير المستضعف ، ولا الجاهل بالإمامة لا ما يتوهمه متأخر وأصحابنا من المعلن بعداوة أهل البيت عليهمالسلام كما
__________________
(١) سورة المجادلة ـ الاية ٢٢.
(٢) سورة الممتحنة ـ الاية ١.
(٣ و ٤) سورة الممتحنة ـ الاية ٨.
(٥) سورة التوبة ـ الاية ٥.