قالوه في بيع الفضولي.
وأنت خبير بأنه وان اشتهر ذلك في كلامهم ، وبنوا عليه في نقضهم وإبرامهم ، إلا أنا لم نظفر له بدليل في أمثال هذه المقامات ، إلا على وجوه اعتبارية لا تصلح أن تكون مستندا في الأحكام الشرعية ، كما حققنا ذلك بما لا مزيد عليه فيما تقدم في مسئلة البيع الفضولي من كتاب البيع (١) حيث إن المشهور بينهم صحته لوجوه اعتبارية ، لفقوها وتخريجات وهمية صوروها ، مع أن الأخبار تردها وتمنعها كما أوضحنا ذلك في الموضع المشار إليه بأوضح بيان ، لم يسبق إليه أحد من علمائنا الأعيان ، ويزيده تأكيدا أنه لا يخفى أن مقتضى الأدلة كتابا وسنة هو وجوب الوفاء بالعقود ، وترتب أثرها عليها من جواز التصرف بجميع أنواع التصرفات ، وإبطال ذلك يحتاج الى دليل قاطع ، ليمكن الخروج به عن الدليل الأول ، فما خرج بدليل وجب الوقوف فيه على ما اقتضاه الدليل ، وما لم يقم عليه دليل من كتاب وسنة فهو باق على مقتضى الدليل الأول وحينئذ فلزوم التصرف بعد البرء في موضع النزاع كما وقع عليه الاتفاق ، انما نشأ من لزوم الوصية أولا في حال المرض ، كما ندعيه ، الا انه انما وقعت الوصية صحيحة غير لازمة كما يدعونه ، حتى فرعوا عليه هذا القول.
وسادسها ـ ما تقدمت الإشارة إليه من عدم صلوح هذه الروايات لمعارضة ما ذكرناه من الأخبار ، لما فيها من الإجمال ، بل الاختلال في جملة منها ، والاعتلال الموجب لسقوطها عن درجة الاستدلال ، وها نحن نشير الى تلك الأخبار على التفصيل.
فمنها رواية علي بن عقبة ، وهي أوضح أدلة القائلين بذلك القول المشهور ، وأظهر الوجوه فيها عندي هو الحمل على التقية ، لمطابقتها كما عرفت للرواية العامية ، وتعارضها على الخصوص ، بما رواه في الفقيه عن هارون بن مسلم عن
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٧٦.