مسعدة بن صدقه (١) «عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام أن رجلا من الأنصار توفي وله صبية صغار ، وله ستة من الرقيق ، فأعتقهم عند موته ، وليس له مال غيرهم ، فأتى النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فأخبر فقال : ما صنعتم بصاحبكم؟
قالوا : دفناه قال : لو علمت ، ما دفناه مع أهل الإسلام ، ترك ولده يتكففون الناس». وظاهر الخبر نفوذ الوصية حيث لم يحكم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بتخصيص الصحة بالثلث ، كما تضمنه خبر علي بن عقبة ، وكذا الخبر العامي ، بل حكم بصحتها ، حيث ذمه «بأنه ترك ولده يتكففون الناس» أي يسألونهم بأكفهم ، فلو لا الحكم بصحتها لما كان لهذا الكلام معنى ، والخبر إما محمول على الكراهة المؤكدة كما ظاهر من كلام الأصحاب ، واليه يشير قوله عليهالسلام في رواية سماعة المتقدمة برواية صاحب الكافي «إلا أن الفضل في أن لا يضيع من يعوله ، ولا يضر بورثته» ، أو التحريم ، ولا ينافيه نفوذ الوصية ، كما صرح به المحدث الكاشاني في الوافي.
وكيف كان فالخبر المذكور من الأخبار الدالة على ما ذكرنا ، وان لم نذكره فيما سبق.
واحتمل في المسالك أيضا حمل رواية علي بن عقبة على الوصية ، قال : لأن حضور الموت قرينة منعه من مباشرة العتق ، ويجوز نسبة العتق اليه لكونه سببه القوي بواسطة الوصية ، قال : وهذا وان كان بعيدا ، إلا أنه مناسب ، حيث لم يبق للرواية عاضد ، انتهى.
ولا يخفى ما فيه ، وما ذكرناه من الحمل على التقية هو الأظهر ، لكنهم (رضياللهعنهم) حيث لم يلتفتوا الى هذه القواعد في الجمع بين الأخبار ، كما قدمنا ذكره ، اضطروا الى مثل هذه التحزيجات البعيدة.
ثم إنه على تقدير تسليمها فموردها خاص ، والمدعى أعم من ذلك ، ودعوى
__________________
(١) الفقيه ج ٤ ص ١٣٧ ح ٤٧٨ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٨٣ ح ٩.