بينة فلا يخلو اما أن ينكر الغريم الوكالة ، أو يصدقه ، وعلى الثاني فاما أن يكون الحق عينا أو دينا فهنا صور أربع ، الأولى : أن يقيم الوكيل البينة على دعوى الوكالة وقد عرفت أنه لا إشكال في وجوب الدفع إليه ، في هذه الصورة دينا كان أو عينا.
الثانية : أن ينكر الغريم الوكالة ولا بينة فإنه لا يكلف بالدفع اليه لعدم البينة وعدم تصديقه ، وقيل : لا يمين أيضا على الغريم ، ومن عنده المال هنا ، لأن اليمين عندهم إنما يتوجه على من لو صدق يلزم بمقتضى تصديقه ، كذا قيل ، وفيه نظر سيأتي إنشاء الله ذكره ، فلو دفع بناء على الظاهر مع كونه غير مكلف بالدفع ثم حضر الموكل وأنكر الوكالة فالقول قوله مع يمينه ، فإذا حلف على نفي الوكالة رجع على الدافع ويرجع الدافع على مدعى الوكالة ، لأنه إنما دفع اليه بناء على الظاهر ، فإذا تبين خلافه وقد غرم للمالك رجع بذلك عليه بلا إشكال.
الثالثة : أن يصدق الغريم مدعى الوكالة ، والحق الموكل فيه عين في يده ، والحكم أنه لا يؤمر بالتسليم اليه لجواز كذبهما معا ، وهذا الإقرار إنما تعلق بحق المالك فلا يسمع ، لأن له أن يكذبهما معا ، لكن لو دفع والحال هذه جاز بناء على علمه بصحة الوكالة وتصديقه له فيها ولأنه لا منازع غيرهما الآن ويبقى الموكل على حجته ، فإذا حضر وصدق الوكيل برئت ذمة الدافع ، وان كذبه فالقول قوله مع يمينه ، فان كانت العين موجودة أخذها ، وله مطالبة من شاء منهما بالرد ، لترتب أيديهما عليها وان تعذر ردها لتلف أو غيره ، تخير في الرجوع على من شاء منهما ، لما عرفت من ترتب الأيدي عليها ، فان رجع على الوكيل لم يرجع على الغريم مطلقا لاعترافه ببرائته بدفعها اليه ، وان رجع على الغريم لم يرجع على الوكيل ان تلفت في يديه بغير تفريط لأنه عنده أمين حيث صدقه في دعوى الوكالة ، وإلا رجع عليه ومنه يظهر أنه لا رجوع للغارم منهما على الآخر لو تلفت بغير تفريط منهما ، لما عرفت ، ولأنه مظلوم بزعمه ، والمظلوم لا يرجع الا على ظالمة.
الرابعة : الصورة بحالها ويكون الحق دينا ، وهل الحكم هنا كما تقدم في