علي عليهالسلام ـ كما مر ، يذهب المعتزلة إلى جواز تقديم المفضول على الفاضل ، وحجتهم في ذلك ما نقلناه من ادعاء موافقة الإمام علي عليهالسلام على خلافة من سبقه ، وادعاء إجماع المسلمين في صدر الإسلام على صحة خلافتهم ، وهذا الإجماع المدَّعى لا دليل عليه ، ومن تتبع سير أحداث التأريخ اتضح له عدم قيامه : فبنو هاشم ، والزبير ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وأبو ذر ، وسعد بن عبادة ، وغير هؤلاء من أجلاء الصحابة ، وذوي الرأي فيهم امتنعوا عن بيعة أبي بكر ، ولم يبايع من بايع منهم إلّا بالإكراه ، فكيف يصح القول بالإجماع مع معارضتهم؟!. وفيهم : نفس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام علي ، وبضعته الطاهرة فاطمة الزهراء ، وعمه العباس عليهالسلام.
أمّا خلافة عمر فكانت بنص من أبي بكر ، وقد اعترض عليه جماعة من الصحابة منهم ابن عمه طلحة عندما أراد استخلاف عمر ، فلم يلتفت إليهم ، ثم أذعنوا إليها مكرهين.
وقد كان الخلاف في خلافة عثمان أشد ، والمعارضة لها أوسع ولكن المخالفين اُكرهوا على البيعة.
أمّا الأشاعرة فأكثرهم يرى أنَّ أفضل الأمة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبو بكر ، ثمَّ عمر ، ثمَّ عثمان ، ثمَّ الإمام علي عليهالسلام ، يرى بعضهم أنَّ الإمام علياً عليهالسلام أفضل من عثمان ، بينما يرى فريق آخر التساوي بينهما في الفضل ، والتوقف عن تقديم أحدهما على الآخر (١).
والقول بتفضيل أحد الصحابة على الإمام علي عليهالسلام لا يستند إلى دليل من الحديث الصحيح ، والأدلة التي اعتمدوها مأخوذة من أحاديث الفضائل التي وضعت بتشجيع وتحريض من الدولة الأموية ، حيث عمل الأمويون على وضع
__________________
(١) راجع تفصيل ما أشير إليه في : الصواعق المحرقة ٥٧.